أردب من الحنطة والشعير والفول ، ويقدم إلى الباشا ستة أكياس ، ويفيض له خمسة عشر كيسا ومركز الأغا أعلى رتبة ويأتى فى كل عام أغا ليستعجل تحصيل الغلال وينال على ذلك أجرا قدره كيس واحد على استعجاله للغلال ، وهو ملزم كذلك بتحصيل الغلال ، وبها قاضى يحصل على ثلاثمائة أقجه ، وشريف القضا يتقاضى عشرين أقجه ، وفى نواحيها مائتان وعشرون بيتا جميلا ، وفيها أربعة مفتين يفتون على المذاهب الأربعة ونقيب للأشراف وسبعة من القواد ، وليس فيها عبيد ولا قائد ولا كتخدا سباهية ولا زعامت فى قراها ولا تيمارات ولا سيد فيها ولا رئيس للجند ، أما طائفة الجند من المصريين فكثيرة ؛ لأنها مدينة مزدحمة بالسكان ، وعلى شاطئ النيل بيوت ذوات طوابق على ربوة يسكنها أسر كريمة وبها مائة وخمسون من الزوايا والمحاريب والجوامع ، جامع قديم لعمر بن الخطاب لأن عمرو فى خلافة عمر بن الخطاب فتحها بعد أن تغلب على القبط ، لما أقام عمرو هذا الجامع كان معبدا قديما ، إلا أنه كان فى عهد الفراعنة ديرا وهو واضح على سد عال على شاطئ النيل وطوله تسعون خطوة ، وعرضه ستون خطوة ، وبداخله اثنان وخمسون عمودا من الرخام ، وحرمه مكشوف ، وله ثلاثة أبواب ومنارة قصيرة وسقف منقوش ، وتطل جميع نوافذه على النيل ، ومحرابه منحرف نحو الركن ، وهو من الخشب المنجور ، ويزدحم فى الفجر بالمصلين لكنه مقر طلاب العلم ، وتلقى فيه الدروس العامة ، وفيه أربعون أو خمسون حلقة تلقى فيها شتى العلوم ، ويختم القرآن من مائة إلى مائتى مرة فى اليوم والليلة ، وثمة من حفظة القرآن من هم أكمهون ، وكأنما هذا الجامع هو جامع الأزهر فى مصر إنها مدينة طيبة الماء لها الشهرة عند العرب والعجم ، وفيها يستجاب الدعاء ، وبه مبرة أوقافها عظيمة وبه يضيّف العلماء والفقراء والمساكين عمر الله هذا الجامع إلى انقراض الدوران (١).
وعلى ربوة على شاطئ النيل كذلك جامع الظاهر بيبرس ، ويقوم على ستة وثلاثين عمودا من الرخام ، وفى سقفه نقوش مذهبة بديعة ، ومحرابه ومنبره من الطراز القديم ، ولكن جدرانه الأربعة من الحجر المكسو ، وكأن كل جدار مرآة ، ولا وجود لمثله فى
__________________
(١) يعنى : إلى قيام الساعة.