أرض مصر ، وكل الرحالة الذين يقدمون مصر يعجبون لأساس هذا الجامع لأنه كان فى الأصل صومعة قديمة ، وفيه نقوش بديعة من كل الأنواع ويعجز عن وصفه الواصفون ، وفى مصر كثير من الجوامع التى أقامها السلاطين ولا وجود لمثلها فى سائر أركان الأرض إلا أن جامع المنيا هذا يختلف عنها جميعا لأنه فى طرزه عجيب غريب منقطع النظير ، وعلى قبته كتب هذا التاريخ (بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد هذا المسجد المبارك مولانا السلطان الملك الظاهر بيبرس خلد ملكه سنة عشرين وستمائة) وله بابان ومنارة وكل كواته تطل على النيل ، ولكن لا وجود لما يشبه جامع عمرو.
ويقع شمال المدينة وفى السوق السلطانية جامع الشيخ مصرى ، وهو تحتانى والمصلون فيه كثير ، ويوجد كذلك جامعان لا علم لنا بهما فضلا عن الزوايا.
وثمة ثلاث تكايا وإحدى عشرة وكالة وثلاثمائة دكان وحمامان ، وعلى مقربة من جامع عمر بن الخطاب حمام منذ عهد فرعون بقى على ما هو عليه ، إنه حمام قديم عجيب ، وهو معلوم لدى العرب والعجم وإذا دخله مريض تم له بأمر الله الشفاء وإذا دخله مجزوم أربعون يوما ، فكأنما خرج من بطن أمه بيضة بيضاء حتى أن ابنة على بن أبى طالب العذراء قدمت مصر ودخلته فشفيت من مرضها ، وهذا الحمام من بناء الحكماء القدماء وحوضه ذو صنبور مرتفع بقدر قامة إنسان ويكون فيه الوقوف ويستحم واقفا وإن لم يكن من الجص ، وقد طلى بابه وجدرانه بالمسك والعنبر والزعفران ، وجدرانه مبنية من الجبس الخالص والعبير ينعم بتنسمه كل من يستحمون فيه ، وينبع من جدرانه ماء الورد والمسك والكافور يتنسمه المستحمون ، وجوه معتدل لطيف لقربه من النيل وماؤه من النيل ، وأرضيته مفروشة بالحجر الأبيض ، وفى زمننا لا يستطيع عامل ماهر فينا أن يضع حجرا مثله فى موضعه ، وغرفة الثياب فيه صغيرة وغاية فى الصغر ، أما الحمام الذى فى قصر أغا الغلال فحمام جديد إلا أن جوه ثقيل ، وثمة أكثر من مائة سبيل ، وستون مكتبا للصبيان ، ولا وجود لسوق فيها ، وجميع أسواقها مغطاة لدفع الرمال والغبار وشدة الحر عنها ، وفى الوسط قصور فيها قصر الكاشف ، وقصر أغا الغلال على ضفة النيل وهو قصر جميل ، وكل قصورها وما فيها من شرفات ونوافذ