تطل على النيل ، وهى قصور عالية يمتد منها البصر إلى الدنيا ، وفى الجانب الغربى من هذه المدينة ستمائة قرية معمورة ، وهى بلاد ذات بساتين كثيرة واسعة وجميلة لاعتدال جوها فأهلها يشتهرون بالجمال ، وفتيانها حمر الخدود ومردانها يلبسون الحرير المنقوش ، والجند فيها كثير ، ويلبس فتيانها ونساؤها على رءوسهن حمر القلانس ، ويربطون على خصورهن مناشف بيضاء ويضعون على وجوههن براقع من الشعر ويسمون الخبز المخبوز الأحمر بالرغيف وهو أحمر اللون كلون الوردة الحمراء ، ومناشفها مشهورة وما أكثر الحدائق فيها ، وتجاه النيل فى هذه المدينة آثار فرعونية كأنها أطلال قلعة.
وجاء فى بعض التواريخ أن الشيخ المصرى مدفون فى جامع المصرى ، ولم يتيسر لى أن أزور ضريح آخر سوى هذا الضريح فى هذه البلدة.
ومضيت من هناك وسرت على شاطئ النيل نحو الجنوب ، وبعد خمس ساعات بلغت :
مدينة أشمونين القديمة
وقد بناها أشمون بن بيطر أبى القبابط بن نوح ، وفيها آثار وأطلال مغمورة فى الرمال ، وإذا تعرضنا لوصفها لمسّت الحاجة إلى مجلد كامل ، وفى هذه البلدة ثلاثمائة بيت وجامعان وعدة دكاكين وهى تابعة لكشفية جرجا ، وهى قضاء يدر مائة وخمسين أقجه ، وفى نهايتها أربعون قرية ، وبها سوق تقام كل أسبوع هى قصبة صغيرة.
وتجاوزتها ، وبعد ثمان ساعات بلغت :
قصبة بداوى ، أى بلدة ملوى
وهى تتبع حكم جرجا ، وهى داخلة فى كشفية المنية وألحقت بها قضاء المنية ، ويتحصل من قضائها مائة وخمسون أقجه فى الأحايين وبها ستون قرية ويحصل غلالها أغا غلال المنيا ولها قائد من طائفة الانكشارية وعدد من الانكشارية والعزب أما نقيبها ففى المنيا وهى على شاطئ النيل على ربوة ، وهى بلدة جميلة لأن النيل ينحرف جنوبها وقد عصفت الريح بكثير من بيوتها فهدمت وتخربت ، فأقام أهلها بيوتا لهم فى أرض واسعة بالقرب منها منذ خمسين عاما ، وهى بيوت جميلة وقصور شامخة ، وهى أربعة آلاف وخمسمائة بيت ولا وجود فى الصعيد لمدينة جديدة جميلة مثلها ، وجميع بيوتها