وأعيان أشراف وأغا الغلال يسكن جرجا ، وهى تضم سبعا وستين قرية ، وعلى بعد خمسمائة خطوة من النيل ألفا بيت وسبعة عشر محرابا وثلاثة خطب إنها قصبة جميلة ، وفى سوقها جامع السلطان محمد أكراد وطوله وعرضه أربعون خطوة ، وفى أركان حرمه الأربعة أعمدة وفى داخل الجامع اثنان وثلاثون عمودا تحمل سقفا مزخرفا وبه ثلاثة محاريب وعلى باب منبره الخشبى كتب تاريخ هو :
(أمر بإنشاء هذا المنبر المبارك محمد بن أبى بكر فى شهر رجب سنة أربع وثلاثين وسبعمائة)
هذا هو محمد أكراد الذى أقام على قبر الإمام الشافعى فى مصر قبّة وهو مدفون إلى جانب الإمام الشافعى ، وليس فى هذه البلدة جامع كبير سوى هذا الجامع علاوة على المساجد المعمورة فيها كما أن فيها حماما وخانين وسبعة أسبلة ، وثلاثة مكاتب للصبيان ومائتى دكان وسبعة مقاه ، وجمال جوها يشبه جو حدائق أرض الروم ، وأهلها يحبون الغرباء ويكرمونهم ، وغادرناها وانطلقنا جنوبا على ضفة النيل واجتزنا مزارع وبساتين الشمام ، وبعيدا عن النيل أرض ذات نخيل ، وقرى وحدائق وساقية ، وعبرنا زوايا بها أشجار وارفة.
أوصاف مدينة عظيمة هى عاصمة الصعيد القديمة وهى مدينة جرجا
اسمها مدينة دهليز حبش وبانيها هو طوطش بن أبى القبابطة بعد الطوفان وهى مدينة عامرة عظيمة ، ثم آل الحكم بعده إلى ابنه جرجيس وقد أنشأ مدينة جرجا وكأن شداد هو بانيها لقد كانت حديقة إرم ، ولذلك وقع الخطأ فى اسم هذه المدينة فقالوا جرجا والصواب أن يقال جرجيس وهى تغل ستة أحمال من المال للسلطان وهى ملحقة بالخدمة السلطانية مع مكة والمدينة وآستانة ، ومنها أمير الحاج ، وله منصب عظيم وكل قرى جرجا عامرة ولكن ألفا وخمسة وسبعين من قراها خاصة بغلال الدولة ، وهذه القرى تغل فى العام ثمانين ألف أردب من الغلال ، ولكن جرجا تدر مائة وستة وثلاثين ألف أردب من الغلال ، ويفيض لوالى مصر مائة وثمانون ألف أردب علاوة على ما يدخل تحت حكم جرجا ، أما من القرى التى فى الإقليم فيحصل منها مائة وأربعون باره