المدفونون فى هذه المدينة ، وهذا ما قيل فى شأنهم وفى المقبرة التى بجانب ضرائحهم الشيخ ظاهر والشيخ كاظمى والشيخ نور الدين الشيرازى والشيخ علام الدين البصراوى وهؤلاء الأعيان كانوا من حاشية المستكفى الذين هاجروا معه من بغداد إلى مصر وبلغ مدينة قوص ، رحمة الله عليه ، وقد عبرنا على شاطئ النيل أراضى رملية وأراضى صخرية وأراضى خربة لمسيرة ست ساعات ، وبلغنا ولاية أشمون.
أوصاف ولاية أشمون (الأقصر)
إن بيطر بن حام بنى مدينة قديمة تسمى أقصرين بعد الطوفان وهو الأخ الأكبر لسام ويقال إن بيطر هذا أبو القبط ، ومن نسله ولد توأمان أحدهما أشمون ريف ، وآخر أشمون جاو وقد ولدا فى مكان واحد وأرسلهما بيطر أبوهما إلى إقليم مصر ، ولذلك سمى الإقليم أشمون وقد عمرت هذه المدينة ، وقد بنى الأخوان قصرين على شاطئ النيل ، وبعد بناء هذين القصرين سميت المدينة القصرين ، أى المدينة التى تحوى قصرين والكلام على هذه المدينة أولى به أن يكون وجيزا ، وهى تتبع كاشفية جرجا ، وبها مائتا جندى ويتحصل منها أربعون كيسا ، ولا يوجد بها مستحفظان ولا شورباجى ولا مفتى ولا نقيب أشراف ولا أعيان وقد كانت مدينة عظيمة على شاطئ النيل تحوى ألف ومائتى بيت ، وبها كثير من الأبنية العالية وكثير من القبور ، ولذلك تبقى منها أعمدة مطمورة فى الرمال ، وهذه الأعمدة بقايا لعمائر أقامها سلاطين مصر القدامى ، وفى جامع السليمانية أعمدة من هذه المدينة نقلها ربان الإسكندرية إلى جامع السليمانية فى استانبول وقد أنعم عليه بخلعة وألف دينار ، وقد نقلت هذه الأعمدة فى سفن فى البحر إلى استانبول ، وقد علمت أن أعمدة جىء بها إلى ميدان الوفاء وهذا ما سمعناه من والدنا رحمة الله عليه ، ولكن هذه المدينة ليست معمورة وبها عشرون محرابا وثلاث خطب ، وبها أسواق صغيرة وجامع فى وسط السوق فيه جمع غفير من الناس كما أن بها خانا وحماما والعديد من الزوايا المعمورة ومكتبا للصبيان وسبيلا ومقاهى ، وجوّها غاية فى اللطف وأما أهلها ففى غاية الفقر.