فى مدح قلعة واردان
إنها قلعة جميلة حصينة على الضفة الشرقية للنيل إنها تحت حكم ملك فونجستان وعاصمته وهى مدينة معمورة جميلة للغاية ، وبها سبعة عشر ألف جندى من سمر البشرة مائتا ألف من الزنوج والبربر والفونج من حملة الرايات ، وهم مسلمون مؤمنون على المذهب الشافعى ، وبها سبعة جوامع وأربعون زاوية وخان وحمام وسبع وكالات وستمائة دكان ومكتب للصبيان وسبل ، ولكن ليس فيها أبنية على طرز أبنية الروم والعرب ، وليست هذه المبانى مزينة ، وفيها حدائق هنا وهناك وفيها بساتين كثيرة ، ومن شدة حرها تشوى الإنسان ، وجملة أهلها من التجار ، ومتى بلغوا بلدا حملوا السلع على ظهور الجمال والفيلة وعند السير إلى الجهة القبلية تطلع الشمس من خلف الكتف اليمنى ، وتقع هذه المدينة عند خط الاستواء فى الحبشة ، وعلى الضفة الغربية للنيل أرض مخوفة ؛ ولا يسكنها من أحد ، إنها صحراء قاحلة وفيها فيلة ، وعقبان ووحيد القرن فسرنا بمحازاة القلعة ، وصدنا الفيل ووحيد القرن وبعض الحيوانات الأخرى فى الكمائن بالأوهاق (١) والحراب.
وقد ألحق حاكم واردان حمل ألفى جمل من المؤنة وعشرة آلاف جندى مع جندنا ، ولم نتلبث (٢) بهذه الصحراء وقد رأينا بشاعة ما فيها وسرنا ثلاثة أيام بلياليها وبعد أن أخذ منا التعب مأخذه بلغنا ساحل النيل.
صحراء هانقوج العظيمة
إنها تحت حكم ملك فونجستان ، وهناك مكث عسكرنا وسمعنا فى الصباح صوت يقول الله كأن جيش كور حسين خان كان فى انتظارنا ، وكأن خيولنا وجمالنا مهيأة للتقدم ، وقد جاءنى خطاب يأمرنا بالتقدم سريعا فمضينا فى الصحراء ثلاث ساعات ، فوجدنا أنفسنا وسط كثرة من الرجال والجمال ، وهم يحملون الحراب والسهام والقسى ، والمزاريق ولا يعلم عددهم إلا الله ، وتجاوزناهم ، ووجدنا أنفسنا فى جيش تفوح من
__________________
(١) الأوهاق : الحبال ومفردها : وهق.
(٢) تلبّث بالمكان : توقف فيه وأقام.