أحد عدوه بمثل هذه الأشياء النفيسة فأجبته بقولى يا مولاى إن هذه النفائس تليق بك ، ولأنها فى الغزوة تقضى على العدو ، ولقد أدركت من ذلك أنه شجيع ، فأحضرت بعد ذلك جوادا عليه بساط فسرّ به كثيرا ، ولقد فهمت لسان الحال وجعل الملك يتأمل هذا الحصان وعليه البساط مدة ساعتين فخرجنا من عنده ومنحنا دارا وبستانا فيه الليمون والنارنج على شاطئ النيل ودخل معنا جميع خدامنا مدينة سنار فى العشرين من شهر شعبان عام ألف وثلاثة وثمانين.
وصف ولاية السودان وقلعة سنار
ومن الغد فى الصباح اجتمع المجلس ثانية ، وقد سلمت الهدايا التى أرسلها معى كور حسين بك ، وتناولنا الطعام بعد المجلس وكان الطعام طعامهم المعتاد والزعتر ، ولديهم الكثير من النعم منها الكباب والضأن ولحم الغزال ولحم الإبل ولبن النوق بالذرة وهم لا يعرفون طعاما غير هذا ، والأرز والعدس والفول إذا أتت من مصر وجرجا ولكن حين حل شهر رمضان طبخوا الأرز والقرع والقلقاس والقرنابيط ويقدمون فى كل يوم ألف قدر من الطعام ، كما قدموا إلى خدامنا طعاما خمسة أيام ، وفى كل يوم مائتى طبق من الطعام السودانى ، كما قدموا أربعمائة رغيف من خبز الذرة ، ولخيولنا مائتى ربع من الذرة فى كل يوم ، وفى هؤلاء القوم رأينا شابا فقيها حلو الكلام أسمر اللون وجيه المنظر ومعتدل القامة وعلى رأسه عمامة بيضاء ، ويرتدى قميصا أبيض كان دائم العبادة مشغولا بها يحضر الديوان ، ويسمع للشاكين وهو يكمم فمه وأنفه ، ثم يأتى وهو يستر فمه وأنفه ، ثم يأتى المدعى عليه ويقف إلى جانبه ، وهو يسجد ويقدم فروض الطاعة أمام الملك والقضاة ، إلا أنهم على المذهب المالكى ، لأن جميع أهل بربرستان والسودان على المذهب المالكى وقاضيهم يسمى شفيع الدين ، ووزيرهم يسمى فين خان ، والدفتر دار يسمى دابر خان والكاتب برابى خان وحاكم المدينة يسمى سرمن ، وتسمى طائفة الجند عندهم سلام وهم يملكون ثلاثمائة ألف من الزنوج المحاربين وليست لهم رواتب والله يعلم عدد الرعايا ، والبرايا ، وفى مصر كثير من العرايا والجياع ، ولا يعرفون المرض ، وهم معمرون ولهم شيخ إسلام على المذاهب الأربعة ، ولهم من أهل