فى بيان حد السودان
فى الشمال على بعد أربعين مرحلة من الحبشة ، ومن الشرق عشرة مراحل إلى (سلطانه بردو مبيه) ، وإلى الجنوب مسيرة شهرين إلى قرمانقه والنيل ينبع من جبل القمر فى قرمانقه. وعلى مسيرة ثلاثة أشهر غربا إلى بغه نسكى ، وفى الشمال على مسيرة ست مراحل إلى حدود بلاد البربر ، وأهله يختلطون بالبرابره. وعلى الجانب الشرقى للنيل على مسرى رياح الشمال على حدود مملكة علوى ، إن هذه البلاد المتراحبة الأرجاء فيها عجائب وعجائب ، وما يلفت إليه النظر ، يعجز أقلام البلغاء عن وصفها ، إلا أنا نحاول ذلك جهد المستطاع وفى البلاد يهود ، وقبط ، وروم ، ولا وجود فيها للفرنجة والقزل باش وأهل السند والهند ، ولكن فيه قوما من عبدة النار ، وهم يذهبون إلى الحبشة ويعودون منها فى تجارتهم ، وقد حضرنا فتح ولاية فروانكه ، وفيها قوم من المجوس ، وهم فى حكم السودان. وهم سمر البشرة وحمرها وصفرها ، وأجسامهم نحيلة ما رأيت فيهم أحدا عليه لحما وشحما ، إن فيهم نشاط كما يحتملون شدة الحر. وهم يمضون عراة الأجسام ، ولا وجود فى هذه الديار للجوخ والحرير والمخمل ، ولا وجود للعملة الذهبية وقد رأوا آباءهم وأجدادهم على تلك الحال. أما ما يجلبه تجارهم فهو الإبل والغنم والعجول والجاموس وسن الفيل وقرن وحيد القرن ، وتروس الفيل وخشب الساج الفونجى والصقنقور والببغاوات ، والأبنوس ، والسنط ، والتجارة عندهم بالمقايضة ، إنهم يبيعون ويشترون بلا مال يدفع ثمنا للسلعة ، والذهب عندهم كثير ، ولكنهم يصهرونه ولا وجود عندهم لسكّة لأنهم لا يعرفونها ، وفى جوامعهم الكثير من الخطباء على المنابر يعظون الناس باللغة العربية ، ثم بعد الخطبة يدعون لسلطان البلاد الواسعة سلطان السودان السلطان بن الخاقان بن غلام محمد خاقان ابن إدريس خاقان ، ثم يدعون لمولانا السلطان محمد خان صاحب الحرمين أيد الله ملكه إلى انقراض الدوران ، ويتلون آيتين وإنّ الله وملائكته يصلون على النبى ، ثم يؤذن المؤذن بأذان قيام الصلاة ، ثم يصلون ركعتى الجمعة ، ويخرجون من الجامع وهم لا يصلون ركعتى السنة ، وهذا دأبهم منذ الزمان الطويل ، ولا يمكن الزواج إلا بعلم الملك ، وهم يؤذن