لهم بالرحيل إلى جميع البلاد ، وهم يعدون ملكهم فى منزلة النبى ، وبينما يذهبون إلى الجامع أو يخرجون إلى الصيد يسلمون على الملك ويسجدون له سجود تعظيم وتكريم ، ويمضون حاملين نعالهم فى أيديهم عند ما يذهبون إلى الجامع مما يدل على تواضعهم الجم.
أوصاف قلعة مدينة سنار عاصمة السودان
إنها مدينة عظيمة وقلعة قديمة على الضفة الغربية للنيل فى السودان وأول من بناها الملك خلحا خاقان ، إنها قلعة مبنية من الحجر على شكل مربع ولكن ليس لها خندق ، وفى خارجها سور من الخشب المحشو ، وما شاهدناه فى ولاية إبريم من قلاع صغيرة وكبيرة فما شاهدنا أكبر من هذه القلعة فى شكلها وصفاتها ، إنها معمورة ، ومزينة لأنها عاصمة فونجستان ، ومحيطها ثلاثة آلاف خطوة ، ولها ثلاثة أبواب وفى داخلها جامع الخاقان إدريس ، وله منارة واحدة ، وفى معظم القلاع التى اجتزناها جوامع بلا منائر ، وبها قصر الملك وقصور الوزراء ، وبها بيوت مبنية من الحجر واللبن المصنوع من طين النيل وعددها ألفا بيت من القصب وبها بيوت ذات حدائق وأخرى بلا حدائق وقصر يطل على النيل وفى القلعة حمام ، وقصر الملك فيه بساتين الليمون والنارنج والبلح وحدائق الورد والرياحين وبها يزدان القصر.
ولا وجود فى هذه القلعة لسوق ، ولكن فى خارج القلعة جهة الغرب بيوتا من القصب والحجر والخشب والحصير عددها ستة آلاف بيت ، وخارجها كثير من ساكنى الصحراء وهم زنوج عددهم مائة ألف ، ويأمرون هؤلاء القوم بترميم القلعة إذا وجب ذلك ويحضرون لما فى جزر النيل من الكرز والسنط وخشب الساج. ويعمل ذلك على ظهور الإبل ، ولكن ليس لهذه القلعة حاكم مثل ما لقلاع الروم من حاكم وجنود ، ولكن فيها مخزن للسلاح والبارود الأسود وخمسون مدفعا وبعض حملة البنادق ، ولكنهم لا يجرأون على استخدامها ، إنهم قوم جبناء للغاية ، وعلى أبواب القلعة إطارات من الحديد لمدافع فى حجم الفيل ، وإذا أخرجوا إلى القتال استخدموا هذه المدافع الضخمة بعد حملها فوق ظهور الإبل ، وفى يوم رؤية الهلال ويوم العيد يطلقون هذه المدافع ، وتزدان الدنيا بمصابيح النفط ودوى الطبول وهم يصعدون ولولة كأنهم فى احتفال ملكى.