الفصل الثانى والسبعون
بيان عودتنا من مدينة سنار عاصمة فونجستان
فى معية الملك إلى مدينة رملية الحمال التى شاهدناها وذلك فى اليوم الخامس لعيد الفطر المبارك عام ألف وثلاثة وثمانين.
عرف الأحباش الخبر فحملوا أمتعتهم ألف حمل على الفيلة وقد سبقنا فرقة من الجيش تتألف من عشرين ألف جندى خرجنا من المدينة واتجهنا شمالا وغادرنا من مدينة سنار ومضينا على ضفة النيل جنوبا ووجّه الملك السؤال قائلا : إن طريق سلطاننا فى الروم من الشمال ونحن نمضى إلى الجنوب فما الحكمة فى ذلك فقلت إن فى ولاية السودان أراض عامرة وطلاسم تستحق المشاهدة ولذلك نمضى إلى هناك وقطعنا عشر مراحل من فونجستان جنوبا ، وقلنا سوف نعود إلى ولايتنا وقطعنا مراحل ومراحل فى تسع ساعات.
بناء قلعة ابسوقه القديمة
كانت فى سالف الزمان مدينة عظيمة ، واسمها ما زالت ظاهرة للعيان أما التى على الضفة الغربية للنيل فبناء قوى من خشب السنديان والسنط والصباح ومحيطها ثلاثة آلاف خطوة ، وهى على شكل مربع وقد أقمنا خياما فى مرج إلى جانبها وشاهدنا فى ذلك اليوم عجائب فى ديوان الملك.
أوصاف العجائب فى الديوان
دعانى الملك إلى خيمته ، وجلسنا على سرير هندى فرأينا الديوان الذى فيه كثير من الناس ، فجلسوا ركبة إلى ركبة ، وكان فى وسطه ميدان عظيم فرأيناه ورأينا فرقة موسيقية تعزف بلهجة وتغنى بلهجة خاصة أمام ستار الملك كما رأينا سبعة من الغلمان الهنود يرقصون وأمام الملك دار أربعة منهم وأذيال ثيابهم مزركشة وكانوا يدورون كأنهم الفلك الدوّار ، ولكن لم يكن منهم أحد من العرب والعجم ولا الروم ، وكانت فى أيديهم سن الفيل وبه يرقصون ويدورون وكان رقصهم ليس فى قدرة البشر.