وقد تصبب عرقا ، وفى ساعة تناول الجمل وهذا القدر من النار فبقيت فى حيرة والناس من حوله مصطفين يتأملون ، وهربوا فى سفينة ، ومضى البهلوان إلى أهله وعشيرته وقلت أطال الله فى عمرك أيها الملك وجعل رءوس أعدائك رقابا لك ، ومنحنى حصانا وخمسة أحمال جمال من سن الفيل وإزارا وخمسا من صغار المماليك ولما عدت لمدينة أبشوقه فقبلت رجاء الملك ونبهت إلى ذلك وزيره ؛ فقال الوزير : على الرأس والعين. وجعل البهلوان يعرض ألعابه فى الميدان على قرع الطبول ونفخ المزامير وأحضر حطبا محمولا على عشرة من الفيلة وأشعل النار فى الحطب وعلى أرواح شهداء كربلاء ملئت عشر قرب من ماء النيل ، فجاء ليشرب منها ناس كثير منهم رجل بدين.
من العجائب والغرائب
ومضى الرجل البدين إلى الملك فقال : يا سلطان السودان أعطنى خمس قرب من ماء النيل وأعطه خمسا فلقد ظللت سبعة أيام صائما وسبع ليال قائما لم أذق فيها قطرة ماء ، وأقسم على ذلك وكانت هذه الرياضة التى أزاولها ، فقال الملك : لنعد لك فطورا فإليك هذه القرب الخمس ، فأمر الملك بتقديم هذه القرب الخمس له ، وكان ثمة سماع للمولوية ألقينا السمع إليها نصف ساعة وتعالت ألسنة اللهب كأن شرر النار يتطاير هنا وهناك ، فقال : لم أجد ماء طيلة أيام صيامى ولذلك أريد عشرة قرب من الماء ، وقال : إذا زادت نار فى نارى فإن هذه القرب العشر تكون من حقى ، وكان هذا رأيا صوابا ، وفى البداية أكل لحم الجمل وقالوا للبهلوان آكل النار : لقد عرفوك جلية الأمر ، فوضع البهلوان كلتا يديه على رأسه وبدأ الغناء وأخرج دم الجمل من فيه قطعة قطعة وتحلق حوله جمع غفير ، ومضى إلى الملك وأمامه قاء لحم الجمل على عشرين دفقة كما قاء بين ذلك النار مرارا حتى أن غلاما صغيرا لى أخرج من فم البهلوان قطعة من لحم الجمل ولكن لم يخرج من فيه كثير من النار ، هذا الرجل أكل اللحم راجيا الملك وقال : يا سلطان الفونج لقد غلبت على النار والرغبة فى أن أقىء لحم الجمل تملكتنى فقال الملك ومن معه من المشاهدين : ينبغى أن يجيبه إلى رجائه وحكم الملك بذلك لقد أكل