عظام الجمل ونجاسته ، فشرب خمسة قرب من الماء دفعة واحدة فصاح البهلوان أن حرارته سكنت ولكن رغبته فى قىء لحم الجمل لم تسكن ، فقالوا : أعطوه شرابا يجعله يقىء وقال أنا لا أعلم أى سحر فعله بى الماء ولذلك لم أتخلص من ناره ، وصاح قائلا : أنا هالك لا محالة ، واعتزل فى ركن وهو يتألم فلم يرحمه أحد فما نال قطرة ماء فشرب ما قدمه إليه السلطان من ماء القرب وكان راقصا ثم وقف فعطس وسعل وحمد الله على انخفاض حرارته ثم قدم على الملك قائلا : أيها السلطان العادل لقد منحتنى خمس قرب للماء فى البداية فدفعت بها عطشى والماء لمن طلب.
لقد أشفى البهلوان على الهلاك من آلامه وحرارته وعطشه إنه آدمى ضعيف وعلى كل الأحوال فإن البهلوان كان سيهلك وهذا على حد قولهم فنظر الملك إلىّ وكان مستاء فقد هلك عطشا لعدم تقديم الماء إليه ولكنه لام البهلوان على أكثر ما أكل من لحم الجمل وما أكل من النار وأردت أن أطيب خاطره فقلت له : إن هؤلاء يلعبون بأرواحهم وهذا دأبهم على الدوام ، ولما دخل البهلوان الميدان قال رجل : أيها السلطان إن ما يعمله هذا البهلوان سحر مبين إنه لعين من عبدة النار وإنى أبرئ من ذلك ولله أحمد أنا رجل تقى على المذهب المالكى اسمى أبو الذهب أقوم بصيام وقيام ورياضات ومجاهدات ، فقال الملك : ولكنك أنت كنت بهلوان وأخشى أن أكون قد قتلته يا أيها السلطان إذا كنت تحبه كثيرا فأنا أسلخ جلده فى حضورك فتعهد الملك بأن يهب مائة من الإبل.
من المضحك العجيب
مضيت إلى جثة البهلوان المرحوم وعقدنا حبل من ذيل الحصان وربطنا عنق جثة البهلوان بهذا الحبل ، وركبت الحصان وضربت الحصان بالسوط مرارا إلى حد فانطلق الحصان فى الصحراء والجثة المعلقة فى ذيله اختلطت بالرمال وتسلخ جلد الجثة فى مواضع فظهر لحمها أحمر اللون ، وجررت هذه الجثة حتى بلغت بها الملك ، وقال الملك : لقد حقرتم هذه الجثة بما فعلت بها فتسلخت وبان لحمها ، وأغلظ علىّ اللائمة ، فقال البهلوان الثانى : أمانا أيها السلطان اصبرن قليلا ، وقال : لقد مزقت كل أعضاء