وبعضها من الحجر وبعضها من الحصير والقصب وليس فيها عمران سوى حمام وخان وسوق للبز ومدرسة ومبرة ، ولكن فيها عدة مقاه وحانات للبوزه ، وليس فيها حدائق ، وإن كان هناك بساتين جميلة بعيد عن الساحل ، وآبارها عذب ماءها ، ولاعتدال جوها تحمل المرأة وعمرها مائة سنة ، ولقد شاهدنا هذه المدينة ثم عدنا إلى جزيرة سواكن ، وركبت مع نائب الكتخدا محمد أغا ، ورفقائى سفينة وتلونا (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) [هود : ٤١] وتوكلنا على الله وأبحرنا إلى جزيرة دهلك وبلغنا شاطئها ورأيت شراع هذه السفينة وقد جلس ربان السفينة وملاحوها وكانوا ينظرون إلى البحر على الدوام ، وهناك من ينظر يمنة ومن ينظر يسرة ويبلغ الربان بذلك ، وإذا ما اشتغل قبطان السفينة بغير ذلك فإن البحر يتعالى موجه ، وكل من فى السفينة يقرأ الفاتحة مرارا ، ولو لم تقرأ الفاتحة فى السفينة لا تجرى لأن شراعها من حصير ومرساتها من حجر ، ومساميرها حبال من حصير وتحت السفينة دهن البعير كما أنها تمتلئ بدقيق الشعير ، ومضت السفينة فى البحر الأحمر وقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ، ومررنا بكثير من الجزر وبلغنا جزيرة دهلك.
أوصاف جزيرة دهلك
كانت عاصمة النجاشى ، وقد فتحها عثمان بن عفان بعد أن أرسل من جدة مائة سفينة ثم استولى عليها النجاشى من بعد إلى أن فتحت فى عهد السلطان سليم الثانى إنها جزيرة واسعة ، حينما كان القائم مقام أوزدمر باشا فى الحبشة حاصرها ويستخرج اللؤلؤ عند هذه الجزيرة ، وكان بها قلعة صغيرة إلا أنها انهدمت وآثار المبانى فيها ماثلة للعيان ، وهى قضاء يدر مائة وخمسين أقجه ، وفيها ستمائة بيت ونصف أساسها من الحجر ويكسو سطوحها تراب كما يوجد بها عدة دكاكين ومخازن وجامع ومساجد ، إلا أن بيوتها ضيقة ، ولا وجود فيها للحدائق ، وعند المرفأ قصر القائم مقام وفيها أربعون أو خمسون مخزنا ، وهى تمتلئ بسلع التجار ولا وجود فيها لأبنية أخرى ، وفى كل خان صهريج للماء ، أما الماء الذى يزيد على الحاجة فيبيعه بعضهم للسفن ، وهواءها لطيف معتدل ، ويكثر فيها