الفصل السابع والخمسين
ذكر النباتات المأكولة فى أرض مصر
ـ الموز :
شجر عجيب ، إذا قلت إنه شجر فليس بشجر ، لكن طوله كطول الشجر ، يطول فى كل عام بمقدار قامة شخصين ، وجذعه فى غلظ الرجل ، وداخله مملوء بالماء ، وهو يطرد ماء الاستسقاء على نحو ما قيل عنه. وأوراقه فى حجم اللحف والبسط وتشبه الأعلام الخضر وبين أوراقه إلى ذروته عناقيد الموز ، وفى كل عنقود ما يقرب من مائتى ثمرة منضدة بعضها فوق بعض وعندما ينضج يصبح وكأنه قطعة من الماس وعندئذ يقطف للأكل ويكون الموز أخضر فى بداية نموه. وعلى الرغم من أنه قريب الشبه من الباذنجان إلا أن ليس به بذور ، بل إن ثمرته ممتلئة بالمعجون وهو مقو ، وقشرته تسلخ من أعلى ، وإذا ما أكل مع السكر كان أكثر لذة فى طعمه. وإذا ما تناول منه الإنسان خمس ثمرات أصبح فى غنى عن أكل اللحم وهو مشبع سهل الهضم ، وثمرته غنية بمنافعها فهى تقوى البدن وتزيد من المنى وتقوى الإبصار.
ويقال إنها خلقت كرامة لسيدنا أويس (١) رضى الله عنه فعندما استشهد السّنّة الشريفة للرسول صلىاللهعليهوسلم فى غزوة أحد ، وتناهى إلى سمع أويس ذلك الخبر قام بخلع أسنانه الاثنين والثلاثين محبة فى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : أهذه السّنّة التى استشهدت أم تلك وعندما طرح أسنانه على الأرض نبتت هذه الأسنان موزا بقدرة الله تعالى وانتشر الموز من اليمن إلى سائر البلدان الأخرى.
__________________
(١) هو أويس القرنى خير التابعين كان برّا بأمه ، مؤثرا للعزلة وخمول الذكر يستخفى من الناس حتى لا يعرفوا حاله مع الله وكان ـ رحمهالله ـ مجاب الدعوة ، أمر النبى صلىاللهعليهوسلم ـ عمر ـ رضى الله عنه ـ إذا لقيه أن يستغفر له ، فلما لقيه عمر فى خلافته ذكر له ما كان من قوله صلىاللهعليهوسلم فاستغفر له. والخبر فى صحيح مسلم ، كتاب الفضائل (١٠١) باب من فضائل أويس القرنى رضى الله عنه. والحكاية الواردة هنا عن أويس وإن لم تكن مستبعدة فى حق من يأخذه الحزن لفقد عزيز ؛ فقد حلقت الخنساء شعرها حزنا وكمدا على أخيها ، فما بالنا والأمر متعلق بالحبيب صلىاللهعليهوسلم إلا أن هذا قد يكون من قبيل كلام القصاص ؛ فإنه لم يلق النبى صلىاللهعليهوسلم ، وهو فى عداد التابعين ولم يدرك أحدا.