يستعد الشيخ لقراءة المولد النبوى فى حضور العلماء والصلحاء والمشايخ على ضفاف حوض القاضى الأعظم ، ثم يقوم بتلاوة التواشيح الدينية بنغمة حزينة ، ويقرأ كافة الحضور المولد النبوى ، ويقوم سبعون أو ثمانون خادم يرتدون البناطيل الحمراء بإشعال أعواد العنبر الخام ، وتتعطر رءوس العاشقين من رائحة المسك والعنبر ، ويوزع عليهم سكر النبات والمشاريب ذات المسك والمعطرة فى أوانى مزينة ، ويقرأ المولد الشريف ثلاث مرات ويحسن على الموشحين والقارئين بالهدايا فى الصباح ، ثم يتوجه كل شخص إلى وجهته ، والحاصل أن اللسان يعجز عن وصفه ، وفى تلك الليلة أيضا يكون مولد :
مولد تكية الشيخ إبراهيم الكلشنى
يقام هذا المولد ليلة الثانى عشر من شهر ربيع الأول ومن الصوفية من يذهبون إلى مولد سيدى الشيخ البكرى ويمضى البعض الآخر إلى مولد سيدى إبراهيم الكلشنى وهناك من يذهب إلى مولد البكرى ، ثم يأتى إلى مولد إبراهيم الكلشنى.
إلا أن مولد الكلشنى هذا ليس مولدا للفلاحين ولا العوام من الناس بل هو لخواص الخواص ، ويحضره جميع الأتراك وطوائف الجند وأرباب المعرفة والمتصوفة والظرفاء والشعراء. ولا يحضره الغرباء ولا الجهال.
وبعد العشاء يبسطون السجاجيد الحريرية الخضراء النفيسة فى الحرم المجلو والمصقول أمام الضريح المنير والمعطر لسيدى الشيخ العزيز ، ويأتى الصوفية زرافات زرافات وبعد أن يؤدى جمع حاشد من الناس صلاة العشاء يشكل جميع المتصوفة حلقة طبق المراسم الكلشنيّة وتتلى سورة «الملك» ، ويتلو جميع الصوفية الأوراد والأذكار فى صوت واحد وبقلب واحد وبينما ينشغل عشرون بالذكر فى جانب وعشرون آخرون فى جانب آخر يقع بعض الصوفية فى حال الوجد فينهضون ويبدأون فيما يعرف بالسماع ، ويدور جميع المتصوفة حول أنفسهم ، وتصدر عن الذاكرين أشعار وأنغام شتى مختلفة المقامات الموسيقية ، وهى كثيرة يصعب حصرها ، وتختلط اثنتا عشرة حلقة من حلقات المتصوفة بعضها ببعض متصادمين وقد امتلأت قلوبهم بصفاء المحبة فيقعون فى حال الجذب كما