الفصل الثامن والخمسون
ذكر ما لا وجود له فى مصر من حرف وأطعمة ونباتات وغلال
إن عدد المصابين بالرمد فى مصر ما لا يعلمه إلا الله فى حين أنه لا وجود لكحال ماهر فيها ، وجيادها كثيرة فى حين أن لا وجود فيها لبيطار ، ومرضاها كثير فى حين أنه لا وجود لطبيب يعالجهم ، وكثير منهم تورمت خصيته حتى تمزقت ولا يجد له جراحا ، ورجالها كثير فى حين أنه لا وجود لحاكم يحكمها ، وما أكثر المعاندين فيها فى حين أنه لا وجود لمن يتفوه بكلمة طيبة ، وجندها كثرة فى حين أنه ليس لهم ضابط ويتملقون جندهم ، وما أكثر القائمين على جباية الضرائب فى حين أنه لا وجود لمحاسب ذى ضمير. وهذه العبارات أصبحت أمثالا تضرب فى مصر وهى تدور على ألسنة الناس.
ـ ما لا وجود له فى مصر من مأكولات وحبوب :
ومما لا وجود له فى مصر من المأكولات والحبوب هو الدوسر والمعلس واللازوط والجلبان والعليق والزعفران والبندق والفستق والكرز ، والكرز الحامض والبشملة والفاكهة الجافة والفراولة والقرانيا والمشمش والقسطل.
ـ ما لا وجود له فى مصر من أشجار :
ولا وجود فى مصر لشجرة واحدة من أشجار الأرغون والدلب والحور وشجر الشذا والغضا والبقس والقرانيا والعرعر والزيزفون البرى والسندر والأرز وشجر الملح والبلوط واللبلاب والبندق والصفصاف ، وتمس حاجة مصر إلى ما يأتى من بلاد الترك من أخشاب البناء فى السفن. ولقلة الحطب فى مصر يباع الحمل منه الذى يزن ثمانين أوقية بأكثر من عشرين پاره ، وفى بعض أحياء مصر تباع الأوقية بپارة فى دكاكين العطارين وكأنها توتيا. ويستورد التجار الحطب من تركيا ولا يدفعون عليه المكوس. ولذلك فإن جميع أعيان مصر وأثريائها يحرقون روث الماشية وجميع أهلها يحتاجون إلى البراز.