وخيرا يفعل الناس علما بحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو : «أعلنوا الزفاف ولو بالدفاف»(١).
فما فى مصر من هذه الأبهة لا وجود له فى ديار أخرى.
فضائل أهل القاهرة
إذا ما مرض أحد فى القاهرة قدم عليه جميع أهل الحى لزيارته وتقديم الهدايا إليه ، وإذا توفاه الله أخطروا أمين بيت المال وجهزوه وكفنوه ووقف جميع أهل الحى عند بابه وغسلوه وهم يسبحون ويوحدون ، ويضعونه فى النعش ويزينونه بماء الورد والريحان ويقوم جميع العلماء والصلحاء والمشايخ بالتوحيد والتسبيح ويدخلون نعشه فى الجامع الأزهر ويصلى عليه جمع غفير ثم يمضون به إلى القرافة أو إلى الموضع الذى يسمى «زاوية الجنازة» أى سبيل المؤمنين بميدان الروملى وهناك يصلون عليه ويذهبون به إلى مقابر الإمام الشافعى أو مقبرة من المقابر الاثنتى عشرة. وأفضل هذه المقابر مقابر أخى يوسف فى سفح جبل الجوشى أو مقبرة الشيخ عقبة. أما الفلاحون فيدفنون بالقرب من مصر العتيقة فى القرافة العتيقة. ولما كان فرعون صوباشيا أحاط هذه القرافة بسور وكان يحصل ضريبة على كل ميت يأتون به لدفنه فيها.
ويمضى الفلاحون فى جنائزهم رافعين الأعلام ، ويتبعهم نساؤهم وهن على الحمر وفى أيديهن مناديل يلوحن بها وقد كشفن عن وجوههن ونشرن شعورهن نائحات باكيات.
ونعوش هؤلاء الفلاحين مسنمة كنعوش النصارى يحملونها على سلالم متحركة إلا أنهم يمعنون فى تزيينها وبذلك يكرمون موتاهم ويقيمون عليهم صلاة الجنازة على الأصول الشرعية.
__________________
(١) أخرجه الترمذى فى كتاب النكاح ، باب ما جاء فى إعلان النكاح حديث رقم ١٠٨٩ ، وابن ماجة فيه حديث (١٨٩٥) ورواه البيهقى فى السنن الكبرى ٧ / ٢٩٠ عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ ولقطة : «أظهروا النكاح واضربوا عليه بالغربال».