فضيلة أخرى لأهل القاهرة
ولأهل القاهرة عادة أخرى مستطرفة ففى ليلة جمعة يمضى مئات الآلاف من النساء والرجال إلى الاثنتى عشرة قرافة فتصبح وكأنها بحر من الناس وهناك من يختمون القرآن الكريم ويتلون سورة «يس» ، ويوزعون الصدقات على الفقراء.
وجميع الأضرحة مبنية بالحجر وتحتها مخازن يسمى الواحد منها «فسقية» ويسمى الواحد من هذه الأضرحة «بيت الحزن» ولها نوع خاص من الأبواب وهى موصدة بالتراب ، تفتح عند الدفن. وتتسع الفسقية الواحدة لدفن مائة أو مائتين إلا أن الجثث لا تغطى بالتراب وإنما توضع فى أكفانها بعضها يتعفن وبعضها يتيبس ثم يسدون الباب بالجصّ الخرسانى. ففى مصر كثير من لصوص المقابر الذين يسرقون الأكفان. حتى إنه فى عهد جان بولاد زاده حسين باشا وضع بعض لصوص المقابر على الخاذوق فى ميدان الروملى وخنقوا بالأكفان التى سرقوها وذلك لتطهير الدنيا من شرورهم.
وعلى كل قبر يحفرون تاريخا بماء الذهب يصففون قبابا مكشوفة وينثرون فوقها الحب ويضعون الماء للطيور. ويضعون كذلك على قمة كل قبر الآس والريحان وفى تلك الأيام تمضى النساء إلى القرافات دون إذن من أزواجهن ، كما أنه لا يحق لزوج أن يسأل زوجته إلى أين أنت ذاهبة ، إذ إن زواجهما انعقد شريطة ذلك.
وفى غير ذلك لا يستطيع زوج فى القاهرة أن يسأل امرأته أين كنت ، إذ إن عزيز مصر وقع تحت سطوة «زليخا» ومنذ ذلك الحين والرجال فى مصر مغلوبون على أمرهم تحت تسلط زوجاتهم. وهذا هو عرف مصر وما جرى فيها مجرى العادة.
وما من قوم يحبون موتاهم ويخلصون لهم إلى هذا الحد إلا فى مصر.
مصدر رزق فقراء القاهرة
يستطيع المصريون أن يفيدو من كل ما فى الوجود ويصنعونه للكسب منه.
ـ حرفة مستطرفة ـ
وفى ليلة مولد الإمام الحسين فى شهر المحرم بمدينة القاهرة يجتمع آلاف من يهود القاهرة كل ثلاثة منهم فى موضع وفى أيديهم زنابيل كبيرة يحرقون أنواعا من البخور ويبيعونها وأثناء ذلك يرفعون أصواتهم الرخيمة بالغناء ، وثمة نوع من البخور يبيعونه لا مثيل له. ويقال إن هذه العادة بقيت فى القاهرة منذ نقل رأس الحسين إلى مصر وعهد السيدة نفيسة.