الدفتردار وأحمد أغا المهردار والجاشنكير الرئيس وبعض الإخوان والأصدقاء واشترينا عدة أوقيات من الرمان لتقديمها هدية له وكان يسكن فى إحدى وكالات الحمر ، ولما قدمناه عليه وجدناه يفترش التراب وعلى ظهره خرقة بيضاء تغطى أكمامه أما ما تحت عورته فكان عاريا. ومن بجانبه من الدراويش دعونا لنجلس بجانب الشيخ فجلسنا دون أن نقرأ عليهالسلام وكل منا جذب انتباهه خاص الخاص من شأنه ووضعنا الرمان أمامه فتناول منها رمانة وهو راقد فى مكانه ، ثم قدم إلى كل منا رمانة كما قدم إلى دراويشه ، ولكن ما أتينا به كان تسع رمانات فى حين أنه وزع منها ثمانى عشرة رمانة. ثم أعطى كلا منا قطعة من حجر ، كما أعطانا حجرا كبيرا وقال لنا : «أعطوا هذا الحجر للباشا وليعطيه إلى جنده وليرحل من مصر إلى بلاد الترك ، وليأت من بغداد وليأت من بغداد» ولم يقل غير ذلك ولا دعا ولا أثنى ، فنهضنا ومضينا إلى قصر الباشا ، وقدمنا إليه الحجر المذكور وأخبرناه بما قاله الشيخ الصنافيرى. فقال الباشا : سبحان الله. وضع الحجر بجانب كتبه ، وفى اليوم التاسع عمّت الثورة والتمرد ، وأسقط الجند أحمد باشا وقدم عبد الرحمن باشا من بغداد ، وأصبح واليا على مصر. ولعل قول الشيخ «ليأت من بغداد ليأت من بغداد» إشارة إلى مجىء عبد الرحمن باشا من بغداد. والله سبحانه وتعالى أعلم. فهذا ما وقع.
* * *