يسمى «بادره» والآخر «بطريق قولون» ، وقولون هذا من أهل البرتغال أما بادره فمن أهل أسبانيا وقد عين لهما السلطان با يزيد خدما وشاء الله أن تفتح قلعة «كرمان» فى نفس اللحظة التى عينها هذان الراهبان وجاءت البشرى بتسلم مفاتيحها. هذا ما وقع فعلا. وتاريخ فتح هذه القلعة كان لفظ «فتحتا» ومن بعد كرم هذان الراهبان بما لا مزيد عليه من تكريم. ثم سئل هذان الراهبان كيف عرفا من سيفتح هذه القلعة فأجابا :
أنهما عرفا ذلك بفضل من علم الرهبان والعلماء النصارى ، وقالا : لنا أكثر من بشارة نزفها إلى مولانا السلطان. إن ابنك سليم والى طرابزون سوف يكون له ملك مصر ، كما سيكون له ملك مكة والمدينة ، وسيملك ابنه سليمان «التفاحة الحمراء» (١). وإن طالع الدولة العثمانية لطالع سعيد وستكون الدنيا بأسرها فى حوزتكم ، ولكن لنا بشارة أخرى عظيمة لسلطاننا كذلك وقال «قولون» أنت يا مولاى أعظم السلاطين كافة ، يسر الله لك الملك ، بينما كنت أطوف فى الآفاق منذ مائة وأربعين عاما وبادره هذا يطوف منذ مائة وخمسة عشر عاما وطيلة هذا العمر المديد طوفنا فى العالم سبع مرات. وعبرنا من خارج مضيق «سبتة» غربا سبعة آلاف ميل بفضل قوة العلم فاكتشفنا ما يسمى «العالم الجديد» : وفيه ما لا وجود له فى عالمنا هذا ، ففيه أنواع من الحيوانات والجبال والحدائق وأناس لا يعرفون الحشر ولا النشر ، والذهب فى كل أنهارهم والمعادن فى كل جبالهم وسهولهم مروج وجو بلادهم لطيف ، إنها أرض بكر لم تطأها قدم يسر الله فتحها لسلطاننا. تلك هى البشرى التى أزفها إليك يا مولاى السلطان.
فقال السلطان بايزيد : لا بد لنا من فتح مكة والمدينة وإحكام سيطرتنا على هذا العالم وليس من اللازم أن نتجاوز البحر إلى تلك البلاد البعيدة.
وعند ما قال السلطان هذا من كلامه ودعه الراهبان بتقبيل يده ثم انطلقا إلى البابا وأطلعاه على أوصاف الدنيا الجديدة فقدمت لهما أسبانيا اثنتى عشرة سفينة وبسطت سيطرتها على هذه الدنيا الجديدة ، ثم ملكتها انجلترا بعدها ، ثم آل ملكها إلى ملك هولندا وللدنيا الجديدة الآن اثنى عشر ملكا ومنذ تاريخ «فتحتا» (أى عام ٨٨٩) إلى
__________________
(١) اسم كان يطلق على روما قديما.