بأبسط من هذا في كتابي «درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة» ، وفي كتابي «خلاصة التبر في أخبار كتاب السرّ».
دار ابن قرقه : هذه الدار من الدور القديمة ، وهي بخط سويقة المسعوديّ إلى خط بين السورين ، وقد تغيرت معالمها. قال ابن عبد الظاهر : دار ابن قرقة هي الآن سكن الأمير صارم الدين المسعوديّ والي القاهرة ، بأوّل حارة زويلة من جهة باب الخوخة على يسرة السالك إلى داخل الحارة ، وهي معروفة اليوم وإلى جانبها الحمام المعروفة بابن قرقة أيضا ، وهذه الدار والحمام أنشأهما أبو سعيد بن قرقة الحكيم ، وباعهما في حال مصادرته مما خرج عليه ، فابتاعهما منه علم السعداء ، ثم سكنها الكامل بن شاور ، وهما من جهة الخليج. انتهى.
وهذه الدار والحمام قد قدمتا وصار موضع الدار الجامع المعروف بجامع ابن المغربيّ برأس سويقة الصاحب وما يجاوره من دور ابن أبي شاكر ، وآخر ما بقي منها شيء ، هدمه الوزير الصاحب تاج الدين عبد الرحيم بن الوزير الصاحب فخر الدين عبد الله بن تاج الدين موسى بن أبي شاكر ، في رمضان سنة أربع وتسعين وسبعمائة.
وابن قرقة : هذا كان يتولى الاستعمالات بدار الديباج وخزائن السلاح ، وكان ماهرا في علم الطب والهندسة ونحو ذلك من علوم الأوائل ، وقتله الخليفة الحافظ لدين الله من أجل أنه دبر السم لابنه حسن بن الحافظ ، عندما تشاور والجند وطلبوا من الخليفة قتل ابنه حسن كما تقدّم ذكره ، فلما سكنت الدهماء قبض عليه الخليفة واعتقله بخزانة البنود وقتله ، في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
دار خوند : هذه الدار من حقوق حارة زويلة ، عرفت بالست الجليلة خوندار دوتكين ابنة نوغية السلاح دار الططريّ ، تزوّج بها الملك الأشرف خليل بن قلاون ، ومات عنها فتزوّجها من بعده أخوه الملك الناصر محمد بن قلاون ، وولدت منه ولدين وماتا ، ثم طلقها ونزلت من القلعة فسكنت هذه الدار ، وأنشأت لها تربة بالقرافة تعرف الآن بتربة الست ، وجعلت لها عدّة أوقاف ، وكانت من الخير على جانب عظيم ، لها معروف وصدقات وإحسان عميم ، وماتت ولها ما ينيف على الألف ، ما بين جارية وخادم أعتقتهم كلهم ، وخلّفت أموالا تخرج عن الحدّ في الكثرة ، وكانت وفاتها في ليلة السبت ثالث عشري المحرم سنة أربع وعشرين وسبعمائة ، ودفنت بتربتها ، فتقدّم أمر السلطان للأمراء والقضاة لشهود جنازتها وحمل ما تركته من الأموال والجواهر ، وطلب أخوها جمال الدين خضر بن نوغية وصولح على إرثه منها بمائة وعشرين ألف درهم ، عنها يومئذ سبعة آلاف دينار ، ولم تزل هذه الدار إلى أن هدمت ، فأخذها الأمير صلاح الدين محمد استادار السلطان ابن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله في شهر رجب سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، وأدخلها