وزارته ، وما برح ينكب كل قليل ، وكان يظهر الإسلام ويكتب بخطه كتب الحديث وغيرها ، ويتهم في باطن الأمر بالتشدّد في النصرانية ، وولي ابنه تاج الدين عبدالله الوزارة ونظر الخاص ، ومات قتيلا تحت العقوبة عند الأمير جمال الدين يوسف الأستادار في سنة ثمان وثمانمائة ، ودار ابن البقريّ هذه من أعظم دور القاهرة ، وهي من جملة خط حارة الجوّانية في أوّلها.
دار طولباي : هذه الدار بجوار حمّام الأعسر برأس حارة الجوّانية ، تجاه درب الرشيديّ ، أنشأها الأمير شمس الدين سنقر الأعسر الوزير ، ثم عرفت بخوند طولباي الناصرية جهة الملك الناصر.
طلنباي : ويقال دلبية ، ويقال طلوبية ابنة طفاجي ابن هندر بن بكر بن دوشي خان ابن جنكزخان ، ذات الستر الرفيع الخاتوني ، كان السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون قد جهز الأمير إيدغدي الخوارزميّ في سنة ست عشرة وسبعمائة يخطب إلى أزبك ملك التتار بنتا من الذرية الجنكزية ، فجمع أزبك أمراء التومانات وهم سبعون أميرا وكلمهم الرسول في ذلك ، فنفروا منه ثم اجتمعوا ثانيا بعدما وصلت إليهم هداياهم وأجابوا ، ثم قالوا إلّا أن هذا لا يكون إلا بعد أربع سنين ، سنة سلام ، وسنة خطبة ، وسنة مهاداة ، وسنة زواج ، واشتطوا في طلب المهر ، فرجع السلطان عن الخطبة ، ثم توجه سيف الدين طوخي بهدية وخلعة لأزبك ، فلبسها وقال لطوخي : قد جهزت لأخي الملك الناصر ما كان طلب وعينت له بنتا من بيت جنكزخان من نسل الملك ياطرخان. فقال طوخي : لم يرسلني السلطان في هذا. فقال أزبك : أنا أرسلها إليه من جهتي ، وأمر طوخي بحمل مهرها فاعتذر بعدم المال. فقال : نحن نقترض من التجار ، فاقترض عشرين ألف دينار وحملها ، ثم قال لا بدّ من عمل فرح تجتمع فيه الخواتين ، فاقترض مالا آخر نحو سبعة آلاف دينار ، وعمل الفرح. وجهزت الخاتون طلنباي ومعها جماعة من الرسل ، وهم بانبجار من كبار المغل ، وطقبغا ومنعوش وطرحي وعثمان وبكتمر وقرطبا والشيخ برهان الدين أمام الملك أزبك وقاضي حراي ، فساروا في زمن الخريف وأقلعوا فلم يجدوا ريحا تسير بهم ، فأقاموا في برّ الروم على مينا ابن مشتا خمسة أشهر ، وقام بخدمتهم هو والأشكريّ ملك قسطنطينية ، وأنفق عليهم الأشكريّ ستين ألف دينار ، فوصلوا إلى الإسكندرية في شهر ربيع الأوّل سنة عشرين وسبعمائة ، فلما طلعت الخاتون من المراكب حملت في خركاة من الذهب على العجل ، وجرّها المماليك إلى دار السلطنة بالإسكندرية ، وبعث السلطان إلى خدمتها عدّة من الحجاب ، وثماني عشرة من الحرم ، ونزلت في الحراقة ، فوصلت إلى القلعة يوم الاثنين خامس عشري ربيع الأوّل المذكور ، وفرش لها بالمناظر في الميدان دهليز أطلس معدني ، ومدّ لهم سماط ، وفي يوم الخميس ثاني عشرية أحضر السلطان رسل أزبك ، ووصل رسل ملك الكرج ، ورسل الأشكريّ بتقادمهم ، ثم بعث إلى الميدان الأمير سيف الدين أرغون