النائب ، والأمير بكتمر الساقي ، والقاضي كريم الدين ناظر الخاص ، فمشوا في خدمة الخاتون إلى القلعة وهي في عز ، ثم عقد عليها يوم الاثنين سادس ربيع الآخر على ثلاثين ألف دينار ، حالة المعجل منها عشرون ألفا ، وعقد العقد قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة ، وقبل عن السلطان النائب أرغون ، وبنى عليها ، وأعاد الرسل بعد أن شملهم من الأنعام ما أربى على أملهم ، ومعهم هدية جليلة ، فساروا في شعبان ، وتأخر قاضي حراي حتى حج وعاد في سنة إحدى وعشرين ، وماتت في رابع عشري ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة ، ودفنت بتربتها خارج باب البرقية بجوار تربة خوند طغاي أم أنوك.
دار حارس الطير : هذه الدار بداخل درب قراصيا بخط رحبة باب العيد ، عرفت بالأمير سيف الدين سنبغا حارس الطير ، ترقى في الخدم إلى أن صار نائب السلطنة بديار مصر في أيام السلطان حسن بن محمد بن قلاون بعد يلبغا روس ، ثم عزل بالأمير قبلاي وجهز إلى نيابة غزة ، فأقام بها شهرا وقبض عليه وحضر مقيدا إلى الإسكندرية في شعبان سنة اثنين وخمسين وسبعمائة ، فسجن بها مدّة ثم أخرج إلى القدس ، فأقام بطالا مدّة ، ثم نقل إلى نيابة غزة في شعبان سنة ست وخمسين وسبعمائة.
الدار القردمية : هذه الدار خارج باب زويلة بخط الموّازيين من الشارع المسلوك فيه إلى رأس المنجبية ، بناها الأمير الجاي الناصريّ ، مملوك السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وكان من أمره أنه ترقي في الخدم السلطانية حتى صار دوادار السلطان بغير أمرة ، رفيقا للأمير بهاء الدين أرسلان الدوادار ، فلما مات بهاء الدين استقرّ مكانه بإمرة عشرة مدّة ثلاث سنين ، ثم أعطى أمرة طبلخاناه ، وكان فقيها حنفيا يكتب الخط المليح ، ونسخ بخطه القرآن الكريم في ربعة ، وكان عفيفا عن الفواحش ، حليما لا يكاد يغضب ، مكبا على الاشتغال بالعلم ، محبا لاقتناء الكتب ، مواظبا على مجالسة أهل العلم ، وبالغ في إتقان عمارة هذه الدار بحيث أنه أنفق على بوّابتها خاصة مائة ألف درهم فضة ، عنها يومئذ نحو الخمسة آلاف مثقال من الذهب ، فلما تمّ بناؤها لم يمتع بها غير قليل ، ومرض فمات في أوائل شهر رجب ، وقيل في رمضان سنة اثنين وثلاثين وسبعمائة ، وهو كهل ، فدفن بقرافة مصر.
فسكنها من بعده خوند عائشة خاتون المعروفة بالقردمية ، ابنة الملك الناصر محمد بن قلاوون زمانا ، فعرفت بها ، وكانت هذه المرأة ممن يضرب بغناها وسعادتها المثل ، إلّا أنها عمرت طويلا وتصرّفت في مالها تصرّفا غير مرضيّ ، فتلف في اللهو حتى صارت تعدّ من جملة المساكين ، وماتت في الخامس من جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ، ومخدّتها من ليف.
ثم سكن هذه الدار الأمير جمال الدين محمود بن عليّ الاستادار مدّة ، وأنشأ تجاهها مدرسة.