دار الصالح : هذه الدار بحارة الديلم قريبا من السجن ، وكانت دار الصالح طلائع بن رزبك يسكنها وهو أمير قبل أن يلي الوزارة ، بناها في سنة سبع وأربعين وخمسمائة ، وبناها على ما هي عليه الآن.
دار بهادر : هذه الدار بالقاهرة جوار المشهد الحسيني ، في درب جرجي المقابل للابارين ، المسلوك منه إلى دار الضرب وغيره ، أنشأها الأمير بهادر رأس نوبة أحد مماليك الملك المنصور قلاوون ، واتفق أنه كان ممن مالأ الأمير بدر الدين بيدرا على قتل الملك الأشرف خليل بن قلاوون ، فلما قدّر الله بانتقاض أمر بيدر أو قتله ، وإقامة الملك الناصر محمد بن قلاوون بعد أخيه الأشرف خليل ، قبض على جماعة ممن وافق على قتل الملك الأشرف خليل ، وقد تجمعت المماليك الأشرفية مع الأمير علم الدين سنجر الشجاعي ، وهو يومئذ وزير الديار المصرية في دار النيابة من قلعة الجبل عند الأمير زين الدين كتبغا نائب السلطنة ، وإذا بالأمير بهادر المذكور قد حضر هو والأمير جمال الدين أقوش الموصلي الحاجب المعروف بنميلة ، وكانا قد اختفيا فرقا من سطوة الأشرفية حتى دبر أمرهما النائب ، وأذن لهما في طلوع القلعة ، فما هو إلّا أن أبصرهما الأشرفية سلوا سيوفهم وضربوا رقبتيهما في أسرع وقت ، فدهش الحاضرون وما استطاعوا أن يتكلموا خوفا من الأشرفية ، واتفق في بناء هذه الدار ما فيه عبرة لمن اعتبر ، وذلك أن بهادر هذا لما حفر أساسها وجد هناك قبورا كثيرة ، فأخرج تلك العظام ورماها ، فبلغ ذلك قاضي القضاة تقيّ الدين ابن دقيق العيد ، فبعث إليه ينهاه عن نبش القبور ورمي العظام ويخوّفه عاقبة ذلك ، فقال : إذا مت يجرّوا رجلي ويرموني ، فقال القاضي : لما أعيد عليه هذا الجواب : وقد يكون ذلك.
فقدّر الله أنه لما ضربت رقبته ورقبة أقوش ربط في رجليهما حبل وجرّا من دار النيابة بالقلعة إلى المجاير بالكيمان ، نعوذ بالله من سوء عاقبة القضاء ، ثم عرفت هذه الدار ببيت الأمير جركتمر بن بهادر المذكور ، وكان خصيصا بالأمير قوصون ، فبعثه لقتل السلطان الملك المنصور أبي بكر بن الملك الناصر محمد بن قلاوون ، لمّا نفاه إلى مدينة قوص بعد خلعه ، فتولى قتله ، فلما قبض على قوصون قبض على جركتمر في ثاني شعبان سنة اثنين وأربعين وسبعمائة ، وقتل بالإسكندرية هو وقوصون في ليلة الثلاثاء ثامن عشر شوال ، تولى قتلهما الأمير ابن طشتمر طلبة ، وأحمد بن صبيح ، وكان جركتمر هذا فيه أدب وحشمة ، وأوّل أمره كان من أصحاب الأمير بيبرس الجاشنكيري ، فقدّمه وأعطاه أمرة عشرة ، ثم اتصل بالأمير أرغون النائب ، فأعطاه أمرة طبلخاناه ، وكان يلعب بالأكرة ويجيد في لعبها إلى الغاية.
ثم عرفت هذه الدار بالأمير سيف الدين بهادر المنجكي أستادار الملك الظاهر برقوق لسكنه بها ، وتجديد عمارتها ، وأنشأ بجوارها حماما وكانت وفاته يوم الاثنين الثاني من