المساند الزركش على أربعين حمّالا ، عدّتها عشرة مساند ، والمدوّرات ستة عشر حمالا ، والكراسي اثنا عشر حمّالا ، وكراسي لطاف أربعة حمالين ، وفضيات تسعة وعشرون حمّالا ، وسلم الدكك أربعة حمالين ، والدكك والتخوت الأبنوس المفضضة والموشقة مائة واثنين وستين حمالا ، والنحاس الشامي اثنين وعشرين حمّالا ، والبعلبكي المدهون اثني عشر حمّالا ، والخونجات والمحافي والزبادي والنحاس تسعة وعشرين حمّالا ، وصناديق الحوائج خاناه ستة حمالين ، وغير ذلك تتمة العدّة ، والبغال المحملة الفرش واللحف والبسط ، والصناديق التي فيها المصاغ تسعة وتسعين بغلا.
قال العلامة صلاح الدين خليل بن أيبك الصفديّ : قال لي المهذب الكاتب : الزركش والمصاغ ثمانون قنطارا بالمصري ذهب ، ولمّا مات بكتمر هذا ، صار هذا الوقف من بعده من جملة أوقافه ، فتولى أمره وأمر سائر أوقافه أولاده ، حتى انقرض أولاده وأولاد أولاده ، فصار أمر الأوقاف إلى ابن ابنته ، وهو أحمد بن محمد بن قرطاي ، المعروف بأحمد بن بنت بكتمر ، وهذا القصر في غاية من الحسن ، ولا ينزله إلّا أعيان الأمراء إلى أن كانت سنة سبع عشرة وثمانمائة ، وكان العسكر غائبا عن مصر مع الملك المؤيد شيخ في محاربة الأمير نوروز الحافظي بدمشق ، عمد هذا المذكور إلى القصر فأخذ رخامه وشبابيكه وكثيرا من سقوفه وأبوابه وغير ذلك ، وباع الجميع ، وعمل بدل ذلك الرخام البلاط ، وبدّل الشبابيك الحديد بالخشب ، وفطن به أعيان الناس فقصدوه وأخذوا منه أصنافا عظيمة بثمن وبغير ثمن ، وهو الآن قائم البناء يسكنه الأمراء.
الدار البيسرية : هذه الدار بخط بين القصرين من القاهرة ، كانت في آخر الدولة الفاطمية ، لما قويت شوكة الفرنج قد أعدّت لمن يجلس فيها من قصاد الفرنج ، عندما؟؟؟ تقرّر الأمر معهم على أن يكون نصف ما يحصل من مال البلد للفرنج ، فصار يجلس في هذه الدار قاصد معتبر عند الفرنج يقبض المال ، فلما زالت الدولة بالغز ، ثم زالت دولة بني أيوب ، وولي سلطنة مصر الملوك من الترك ، إلى أن كانت أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ ، شرع الأمير ركن الدين بيبرس الشمسيّ الصالحيّ البخميّ في عمارتها ، في سنة تسع وخمسين وستمائة ، وتأنّق في عمارتها وبالغ في كثرة المصروف عليها ، فأنكر الملك الظاهر ذلك من فعله وقال له : يا أمير بدر الدين ، أيّ شيء خليت للغزاة والترك؟ فقال : صدقات السلطان ، والله يا خوند ما بنيت هذه الدار إلّا حتى يصل خبرها إلى بلاد العدوّ ، ويقال بعض مماليك السلطان عمّر دارا غرم عليها مالا عظيما ، فأعجب من قوله ذلك السلطان وأنعم عليه بألف دينار عينا ، وعدّ هذا من أعظم أنعام السلطان ، فجاء سعة هذه الدار باصطبلها وبستانها والحمّام بجانبها نحو فدّانين ، ورخامها من أبهج رخام عمل في القاهرة ، وأحسنه صنعة ، فكثر تعجب الناس إذ ذاك من عظمها لما كان فيه أمراء الدولة ورجالها حينئذ من الاقتصاد ، حتى أن الواحد منهم إذا صار أميرا لا يتغير عن داره التي كان