حسب البهتان يبقى |
|
أخرب الله دياره |
فلما قتل السلطان في سنة اثنين وستين ، عاد الهرماس إلى القاهرة وأعاد بعض داره ، فلما كانت سنة ثمانين وسبعمائة صارت هذه الدار إلى الأمير جمال الدين عبد الله بن بكتمر الحاجب ، فأنشأها قاعة وعدّة حوانيت وربعا علوّ ذلك ، وانتقل من بعده إلى أولاده ، وهو بأيديهم إلى اليوم.
دار أوحد الدين : هذه الدار بداخل درب السلامي في رحبة باب العيد ، مقابل قصر الشوك وإلى جانب المارستان العتيق الصلاحيّ ، كان موضعها من حقوق القصر الكبير ، وصار أخيرا طاحونا ، فهدمها القاضي أوحد الدين عبد الواحد أيام كان يباشر توقيع الأمير الكبير برقوق ، بعد سنة ثمانين وسبعمائة ، فلما حفر أساس هذه الدار ووجد فيه هيئة قبة معقودة من لبن ، وفي داخلها إنسان ميت قد بليت أكفانه وصار عظما نخرا ، وهو في غاية طول القامة ، يكون قدر خمسة أذرع ، وعظام ساقيه خلاف ما عهد من الكبر ، ودماغه عظيم جدا ، فلما كملت هذه الدار سكنها أيام مباشرته وظيفة كتابة السر إلى أن مات بها ، وقد حبسها على أولاده ، فاستمرت بأيديهم إلى أن أخذها منهم الأمير جمال الدين يوسف الاستادار ، كما أخذ غيرها من الأوقاف ، فاستمرّت في جملة ما بيده إلى أن قتله الملك الناصر فرج ، فقبضها فيما قبض مما خلف جمال الدين ، فلما قتل الملك الناصر فرج واستقل الملك المؤيد شيخ بمملكة مصر استرجع أولاد جمال الدين ما كان أخذه الناصر من أملاك جمال الدين ، وصارت بأيديهم إلى أن وقف له أولاد أوحد الدين في طلب دار أبيهم ، فعقد لذلك مجلس اجتمع فيه القضاة ، فتبين أن الحق بيد أولاد أوحد الدين ، فقضي بإعادة الدار إلى ما وقفها عليه أوحد الدين ، فتسلمها أولاد أوحد الدين من ورثة جمال الدين ، وهي الآن بأيديهم.
عبد الواحد بن إسماعيل بن ياسين الحنفيّ : أوحد الدين كاتب السر ، ولد بالقاهرة ونشأ بها في كنف قاضي القضاة جمال الدين عبد الله بن عليّ التركمانيّ الحنفيّ لصهارة كانت بين أبيه وبين التركمانية ، وباشر توقيع الحكم مدة ، واتفق أن أميرا من أمراء الملك الأشرف شعبان بن حسين يعرف بيونس الرماح مات ، فادّعى برقوق العثمانيّ أحد الممالك اليلبغاوية أنه ابن عم يونس هذا ، وأنه يستحق إرثه لموته عن غير ولد ، حضر إلى المدرسة الصالحية بين القصرين حيث يجلس القضاة للحكم بين الناس حتى يثبت ما ادّعاه ، فلما أراد الله من اسعاد جدّ أوحد الدين لم يقف برقوق على أحد من موقعي الحكم إلا عليه ، وأخبره بما يريد ، فبادر إلى توريق سؤال باسم برقوق ، وانهائه أنه ابن عمّ يونس الرماح ، وأن عنده بينة تشهد بذلك ، ودخل بهذا السؤال إلى قاضي القضاة ، وأنهى العمل حتى ثبت أن برقوق ابن عم يونس يستحق ارثه ، فلما فرغ من ذلك دفع برقوق إلى أوحد الدين مبلغ دراهم اجرة