أبي عمرو وعثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل بن محمد بن أبي الحوافر رئيس الأطباء بديار مصر ، ومات ليلة الخميس الرابع عشر من شهر رمضان سنة سبع وخمسين وستمائة ودفن بالقرافة.
حمّام قتّال السبع : هذه الحمّام خارج باب القوس من ظاهر القاهرة في الشارع المسلوك فيه من باب زويلة إلى صليبة جامع ابن طولون ، وموضعها اليوم بجوار جامع قوصون ، عمّرها الأمير جمال الدين أقوش المنصوريّ ، المعروف بقتّال السبع الموصلي ، بجانب داره التي هي اليوم جامع قوصون ، فلما أخذ قوصون الدار المذكورة وهدمها وعمر مكانها هذا الجامع ، أراد أخذ الحمّام ، وكانت وقفا ، فبعث إلى قاضي القضاة شرف الدين الحنبليّ الحرّانيّ يلتمس منه حل وقفها ، فأخرب منها جانبا وأحضر شهود القيمة فكتبوا محضرا يتضمن أنّ الحمام المذكورة خراب ، وكان فيهم شاهد امتنع من الكتابة في المحضر وقال : ما يسعني من الله أن أدخل بكرة النهار في هذا الحمام وأطهّر فيها ، ثم أخرج منها وهي عامرة وأشهد بعد ضحوة نهار من ذلك اليوم أنها خراب ، فشهد غيره ، وأثبت قاضي القضاة الحنبليّ المحضر المذكور وحكم ببيعها ، فاشتراها الأمير قوصون من ورثة قتال السبع ، وهي اليوم عامرة بعمارة ما حولها.
حمّام لؤلؤ : هذه الحمام برأس رحبة الأيدمريّ ، ملاصقة لدار السنانيّ من القاهرة ، أنشأها الأمير حسام الدين لؤلؤ الحاجب.
لؤلؤ الحاجب : كان أرمنيّ الأصل ، ومن جملة أجناد مصر في أيام الخلفاء الفاطميين ، فلما استولى صلاح الدين يوسف بن أيوب على مملكة مصر ، خدم تقدمة الأسطول ، وكان حيثما توجه فتح وانتصر وغنم ، ثم ترك الجندية وزوّج بناته وكنّ أربعا بجهاز كاف ، وأعطى ابنيه ما يكفيهما ، ثم شرع يتصدّق بما بقي معه على الفقراء بترتيب لا خلل فيه ، ودواما لا سآمة معه ، وكان يفرّق في كل يوم اثني عشر ألف رغيف مع قدور الطعام ، وإذا دخل شهر رمضان أضعف ذلك ، وتبتل للتفرقة من الظهر في كل يوم إلى نحو صلاة العشاء الآخرة ، ويضع ثلاثة مراكب طول كل مركب أحد وعشرون ذراعا مملوءة طعاما ، ويدخل الفقراء أفواجا وهو قائم مشدود الوسط كأنه راعي غنم ، وفي يده مغرفة وفي الأخرى جرّة سمن ، وهو يصلح صفوف الفقراء ويقرّب إليهم الطعام والودك ، ويبدأ بالرجال ثم النساء ثم الصبيان ، وكان الفقراء مع كثرتهم لا يزدحمون ، لعلمهم أنّ المعروف يعمهم ، فإذا انتهت حاجة الفقراء بسط سماطا للأغنياء تعجز الملوك عن مثله ، وكان له مع ذلك على الإسلام منة توجب أن يترحم عليه المسلمون كلهم ، وهي أنّ فرنج الشوبك والكرك توجهوا نحو مدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لينبشوا قبره صلىاللهعليهوسلم ، وينقلوه جسده الشريف المقدّس إلى بلادهم ويدفنوه عندهم ، ولا يمكنوا المسلمين من زيارته إلّا بجعل ، فأنشأ البرنس أرباط صاحب الكرك سفنا