الظاهر : الصاغة بالقاهرة كانت مطبخا للقصر ، يخرج إليه من باب الزهومة ، وهو الباب الذي هدم وبني مكانه قاعة شيخ الحنابلة من المدارس الصالحية ، وكان يخرج من المطبخ المذكور مدّة شهر رمضان ألف ومائتا قدر من جميع الألوان في كل يوم ، تفرّق على أرباب الرسوم والضعفاء ، وسمّي باب الزهومة ، أي باب الزفر ، لأنه لا يدخل باللحم وغيره إلا منه ، فاختص بذلك. انتهى.
والصاغة الآن وقف على المدارس الصالحية ، وقفها الملك السعيد بركة خان المسمى بناصر الدين محمد ولد الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري على الفقهاء المقرّرين بالمدارس الصالحية.
سوق الكتبيين : هذا السوق فيما بين الصاغة والمدرسة الصالحية ، أحدث فيما أظن بعد سنة سبعمائة ، وهو جار في أوقاف المارستان المنصوري ، وكان سوق الكتب قبل ذلك بمدينة مصر تجاه الجانب الشرقي من جامع عمرو بن العاص في أوّل زقاق القناديل ، بجوار دار عمرو ، وأدركته وفيه بقية بعد سنة ثمانين وسبعمائة ، وقد دثر الآن فلا يعرف موضعه ، وكان قد نقل سوق الكتبيين من موضعه الآن بالقاهرة إلى قيسارية كانت فيما بين سوق الدجاجين المجاور للجامع الأقمر ، وبين سوق الحصريين المجاور للركن المخلق ، وكان يعلو هذه القيسارية ربع فيه عدّة مساكن ، فتضرّرت الكتب من نداوة أقبية البيوت وفسد بعضها ، فعادوا إلى سوق الكتب الأوّل حيث هو الآن ، وما برح هذا السوق مجمعا لأهل العلم يتردّدون إليه. وقد أنشدت قديما لبعضهم:
مجالسة السوق مذمومة |
|
ومنها مجالس قد تحتسب |
فلا تقربنّ غير سوق الجياد |
|
وسوق السلاح وسوق الكتب |
فهاتيك آلة أهل الوغى |
|
وهاتيك آلة أهل الأدب |
سوق الصنادقيين : هذا السوق تجاه المدرسة السيوفية ، كان موضعه في القديم من جملة المارستان ، ثم عرف بفندق الدبابليين ، وقيل له الآن سوق الصنادقيين ، وفيه تباع الصناديق والخزائن والأسرّة مما يعمل من الخشب ، وكان ما بظاهرها قديما يعرف بسكن الدجاجين ، وأدركناه يعرف بسوق السيوفيين ، وكان فيه عدّة طباخين لا يزال دخان كوانينهم منعقدا لكثرته. حتى قال لي شيخنا قاضي القضاة مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم الحنفي :أن قاضي القضاة جلال الدين جاد الله قال له : هذا السوق قطب دائرة الدخان ، وفي سوق الصنادقيين إلى الآن بقية.
سوق الحريريين : هذا السوق من باب قيسارية العنبر إلى خط البندقانيين ، كان يعرف قديما بسقيفة العداس ، ثم عمل صاغة القاهرة ، ثم سكن هناك الأساكفة.