مصرية ، في شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، وكان باب هذا البستان في الموضع الذي يقال له اليوم باب اللوق ، وكان هذا البستان ينتهي إلى خليج الخور ، وآخره من المشرق ينتهي إلى الدكة بجوار المقس ، ثم انقسم بعد ذلك قطعا وحكرت أكثر أرضه ، وبنى الناس عليها الدور وغيرها ، وبقيت منه إلى الآن قطعة عرفت ببستان الأمير أرغون ، النائب بديار مصر أيام الملك الناصر ، ثم عرف بعد ذلك ببستان ابن غراب ، وهو الآن على شاطيء الخليج الناصريّ ، على يمنة من سلك من قنطرة قدادار بشاطئ الخليج من جانبه الشرقي ، إلى بركة قرموط ، وبقيت من بستان ابن ثعلب قطعة تعرف ببستان بنت الأمير بيبرس إلى الآن ، وهو وقف ، ومن جملة بستان ابن ثعلب أيضا الموضع الذي يعرف ببركة قرموط ، والموضع المعروف بفم الخور.
وأما منشأة ابن ثعلب : فإنها بالقرب من باب اللوق ، وحكرت في أيام الشريف فخر الدين بن ثعلب المذكور ، فعرفت به ، وهي تعرف اليوم بمنشأة الجوّانية ، لأنّ جوّانية الفم. كانوا يسكنون فيها ، فعرفت بهم ، وأدركتها في غاية العمارة بالناس والمساكن والحوانيت وغيرها ، وقد اختلت بعد سنة ست وثمانمائة ، وأكثرها الآن زرائب للبقر.
وأما باب اللوق : فإنه كان هناك إلى ما بعد سنة أربعين وسبعمائة بمدّة ، باب كبير عليه طوارق حربية مدهونة ، على ما كانت العادة في أبواب القاهرة وأبواب القلعة وأبواب بيوت الأمراء ، وكان يقال له باب اللوق ، فلما أنشأ القاضي صلاح الدين بن المغربيّ قيساريته التي بباب اللوق ، وجعلها البيع غزل الكتان ، هدم هذا الباب وجعله في الركن من جدار القيسارية القبليّ ، مما يلي الغربيّ ، وهذا هو باب الميدان الذي أنشأه الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل لما اشترى بستان ابن ثعلب ، وقد ذكر خبر هذا الميدان عند ذكر الميادين من هذا الكتاب.
وأما حكر قردمية : فإنه على يمنة من سلك من باب اللوق المذكور إلى قنطرة قدادار ، وكان من جملة بستان ابن ثعلبة ، فحكر وصار أخيرا بيد ورثة الأمير قوصون ، وكان حكرا عامرا إلى ما بعد سنة تسع وأربعين وسبعمائة ، فخرب عند وقوع الوباء الكبير بمصر ، وحفرت أراضيه وأخذ طينها ، فصارت بركة ماء عليها كيمان ، خلف الدور التي على الشارع المسلوك فيه إلى قنطرة قدادار.
وأما حكر كريم الدين : فإنه على يسرة من سلك من باب اللوق إلى رحبة التبن ، وإلى الدكة ، وكان يعرف قبل كريم الدين بحكر الصهيونيّ ، وهذا الحكر الآن آيل إلى الدثور.
وأما رحبة التبن : فإنها في بحري منشأة الجوانية ، شارعة في الطريق العظمى التي يسلك فيها إلى قنطرة الدكة من رحبة باب اللوق ، عرفت بذلك لأنه كانت أحمال التبن تقف بها لتباع هناك ، فإن القاهرة كانت توقر من مرور أحمال التبن والحطب ونحو هما بها ، ثم