والجوامع وغيرها ، وبلغت بساتين جزيرة الفيل خاصة ما ينيف على مائة وخمسين بستانا ، بعد ما كانت في سنة إحدى عشرة وسبعمائة نحو العشرين بستانا.
وأنشأ القاضي الفاضل جلال الدين القزوينيّ ، وولده عبد الله ، دارا عظيمة على شاطيء النيل بجزيرة الفيل ، عند بستان الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب. وأنشأ الأمير عز الدين الخطيريّ جامعة ببولاق على النيل ، وأنشأ بجواره ربعين. وأنشأ القاضي شرف الدين بن زنبور بستانا ، وأنشأ القاضي فخر الدين المعروف بالفخر ناظر الجيش بستانا ، وحكر الناس حول هذه البساتين وسكنوا هناك ، ثم حفر الملك الناصر محمد بن قلاوون الخليج الناصريّ سنة خمس وعشرين وسبعمائة ، فعمر الناس على جانبي هذا الخليج ، وكان أوّل من عمر بعد حفر الخليج الناصريّ المهاميزي ، أنشأ بستانا ومسجدا هما موجودان إلى اليوم ، وتبعه الناس في العمارة حتى لم يبق في جميع هذه المواضع مكان بغير عمارة ، وبقي من يمرّ بها يتعجب ، إذ ما بالعهد من قدم ، بينما هي تلال رمل وحلافي ، إذ صارت بساتين ومناظر وقصورا ومساجد وأسواقا وحمامات وأزقة وشوارع ، وفي ناحية بولاق هذه كان خص الكيالة الذي يؤخذ فيه مكس الغلة إلى أن أبطله الملك الناصر محمد بن قلاوون ، كما ذكر في الروك الناصريّ من هذا الكتاب. ولما كانت سنة ست وثمانمائة انحسر ماء النيل عن ساحل بولاق ، ولم يزل يبعد حتى صار على ما هو عليه الآن ، وناحية بولاق الآن عامرة ، وتزايدت العمائر بها ، وتجدّد فيها عدّة جوامع وحمّامات ورباع وغيرها.
ذكر ما بين بولاق ومنشأة المهراني
وكان فيما بين بولاق ومنشأة المهراني خط فم الخور ، وخط حكر ابن الأثير ، وخط زريبة قوصون ، وخط الميدان السلطانيّ بموردة الملح ، وخط منشأة الكتبة.
فأمّا فم الخور ، فكان فيه من المناظر الجليلة الوصف عدّة تشرف على النيل ، ومن ورائها البساتين ، ويفصل بين البساتين والدور المطلة على النيل شارع مسلوك ، وأنشئ هناك حمّام وجامع وسوق ، وقد تقدّم ذكر الخور ، وأنشأ هناك القاضي علاء الدين بن الأثير دارا على النيل ، وكان إذ ذاك كاتب السرّ ، وبنى الناس بجواره ، فعرف ذلك الخط بحكر ابن الأثير ، واتصلت العمارة من بولاق إلى فم الخور ، ومن فم الخور إلى حكر ابن الأثير ، وما برح فيه من مساكن الأكابر من الوزراء والأعيان ، ومن الدور العظيمة ما يتجاوز الوصف.
وأما الزريبة فإن الملك الناصر محمد بن قلاوون ، لما وهب البستان الذي كان بالميدان الظاهريّ للأمير قوصون أنشأ قدّامه على النيل زريبة ، ووقفها ، فعمر الناس هناك حتى انتظمت العمارة من حكر ابن الأثير إلى الزريبة ، وعمر هناك حمّام وسوق كبير ، وطواحين وعدّة مساكن اتصلت باللوق.
وأما زريبة السلطان ، فإن الملك الناصر محمد بن قلاوون لما عمر ميدان المهاري