البدري ، وزادت وجاعته في أيامه إلى أن مات ، يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجة ، سنة ست وأربعين وسبعمائة. وكان شكلا مليحا حليما ، كثير المعروف والجود ، عفيفا لا يستخدم مملوكا أمرد البتة ، واقتصر من النساء على امرأته التي قدمت معه إلى مصر ، ومنها أولاده ، وكان يحب العلم وأهله ويطارح بمسائل علمية ، ويعرف ربع العبادات ، ويجيده ويتكلم على الخلاف فيه ، ويميل إلى الشيخ تقيّ الدين أحمد بن تيمية ، ويعادي من يعاديه ، ويكرم أصحابه ويكتب كلامه ، مع كثرة الإحسان إلى الناس بماله وجاهه ، وكان ينتسب إلى إبراهيم بن أدهم ، وهو من محاسن الدولة التركية رحمهالله.
حكر الخازن : هذا المكان فيما بين بركة الفيل وخط الجامع الطولوني ، كان من جملة البساتين ثم صار إصطبلا للجوق الذي فيه خيول المماليك السلطانية ، فلما تسلطن الملك العادل كتبغا اخرج منه الخيول وعمله ميدانا يشرف على بركة الفيل ، في سنة خمس وتسعين وستمائة ، ونزل إليه ولعب فيه بالاكرة أيام سلطنته كلها إلى أن خلعه الملك المنصور لاجين ، وقام في الملك من بعده ، فأهمل أمره وعمر فيه الأمير علم الدين سنجر الخازن وإلى القاهرة بيتا ، فعرف من حينئذ بحكر الخازن ، وتبعه الناس في البناء هناك ، وأنشأوا فيه الدور الجليلة ، فصار من أجلّ الأخطاط وأعمرها ، وأكثر من يسكن به الأمراء والمماليك.
سنجر الخازن : الأمير علم الدين الأشرفيّ ، أحد مماليك الملك المنصور قلاوون ، وتنقل في أيام ابنه الملك الأشرف خليل ، وصار أحد الخزان ، فعرف بالخازن. ثم ولي شدّ الدواوين مع الصاحب أمين الدين ، وانتقل منها إلى ولاية البهنسا ، ثم إلى ولاية القاهرة ، وشدّ الجهات. فباشر ذلك بعقل وسياسة وحسن خلق وقلة ظلم ومحبة للستر ، وتغافل عن مساويء الناس ، وإقالة عثرات ذوي الهيآت مع العصبية والمعرفة وكثرة المال وسعة الحال واقتناء الأملاك الكثيرة ، ثم أنه صرف عن ولاية القاهرة بالأمير قدادار في شهر رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة ، فوجد الناس من عزله بقدادار شدّة ، وما زال بالقاهرة إلى أن مات ليلة السبت ثامن جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة ، فوجد له أربعة عشر ألف أردب غلة عتيقة وأموال كثيرة ، وله من الآثار مسجد بناه فوق درب استجدّه بحكر الخازن ، وخانقاه بالقرافة ، دفن فيها عفا الله عنه.
ربع البزادرة : هذا الربع تحت قلعة الجبل بسوق الخيل ، عمر بعد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة ، وكان مكانه لا عمارة فيه ، فبنى الأجناد بجواره عدّة مساكن واستجدّوا حكرين من جواره ، فامتدّت العمائر إلى تربة شجر الدر حيث كان البستان المعروف بشجر الدر ، وهناك الآن سكن الخلفاء ، وامتدّت العمائر من تربة شجر الدر إلى المشهد النفيسيّ ، ومرّوا من تجاه المشهد بالعمائر إلى أن اتصلت بعمائر مصر وباب القرافة.
خط قناطر السباع : كان هذا الخط في أوّل الإسلام يعرف بالحمراء ، نزل فيه طائفة