المروانيّ والي القاهرة وشادّ الجهات ، وأمره بهدم قناطر السباع ، وعمارتها أوسع مما كانت بعشرة أذرع ، وأقصر من ارتفاعها الأوّل ، فنزل ابن المروانيّ وأحضر الصناع ووقف بنفسه حتى انتهى في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة في أحسن قالب على ما هي عليه الآن ، ولم يضع سباع الحجر عليها ، وكان الأمير الطنبغا الماردينيّ قد مرض ونزل إلى الميدان السلطانيّ ، فأقام به ونزل إليه السلطان مرارا ، فبلغ الماردينيّ ما يتحدّث به العامّة من أن السلطان لم يخرّب قناطر السباع إلا حتى تبقى باسمه ، وأنه رسم لابن المروانيّ أن يكسر سباع الحجر ويرميها في البحر ، واتفق أنه عوفي عقيب الفراغ من بناء القنطرة ، وركب إلى القلعة ، فسرّبه السلطان ، وكان قد شغفه حبا ، فسأله عن حاله وحادثه إلى أن جرى ذكر القنطرة ، فقال له السلطان : أعجبتك عمارتها ، فقال والله يا خوند : لم يعمل مثلها ، ولكن ما كملت. فقال كيف ، قال السباع التي كانت عليها لم توضع مكانها ، والناس يتحدّثون أن السلطان له عرض في إزالتها لكونها رنك سلطان غيره ، فامتغص لذلك وأمر في الحال بإحضار ابن المروانيّ وألزمه بإعادة السباع على ما كانت عليه ، فبادر إلى تركيبها في أماكنها ، وهي باقية هناك إلى يومنا هذا إلّا أنّ الشيخ محمدا المعروف بصائم الدهر شوّه صورها كما فعل بوجه أبي الهول ، ظنا منه أن هذا الفعل من جملة القربات ولله در القائل :
وإنما غاية كلّ من وصل |
|
صيدا بنى الدنيا بأنواع الحيل |
قنطرة عمر شاه : هذه القنطرة على الخليج الكبير ، يتوصل منها إلى برّ الخليج الغربيّ.
قنطرة طقزدمر : هذه القنطرة على الخليج الكبير بخط المسجد المعلق ، يتوصل منها إلى برّ الخليج الغربيّ ، وحكر قوصون وغيره.
قنطرة اق سنقر : هذه القنطرة على الخليج الكبير ، يتوصل إليها من خط قبو الكرمانيّ ، ومن حارة البديعيين التي تعرف اليوم بالحبانية ، ويمرّ من فوقها إلى برّ الخليج الغربيّ ، وعرفت بالأميراق سنقرشادّ العمائر السلطانية في أيام الملك الناصر محمد بن قلاون ، عمرها لما أنشأ الجامع بالبركة الناصرية ، ومات بدمشق سنة أربعين وسبعمائة.
قنطرة باب الخرق : يقال للأرض البعيدة التي تخرقها الريح لاستوائها ، الخرق. وهذه القنطرة على الخليج الكبير ، كان موضعها ساحلا وموردة للسقائين في أيام الخلفاء الفاطميين ، فلما أنشأ الملك الصالح نجم الدين أيوب الميدان السلطانيّ بأرض اللوق ، وعمريه المناظر في سنة تسع وثلاثين وستمائة ، أنشأ هذه القنطرة ليمرّ عليها إلى الميدان المذكور ، وقيل قنطرة باب الخرق.
قنطرة الموسكي : هذه القنطرة على الخليج الكبير ، يتوصل إليها من باب الخوخة