وسبعمائة ، وفهي ركب السلطان إلى بركة الحجاج للرمي على الكراكي ، وطلب كريم الدين ناظر الخاص ، ورسم أن يعمل فيها أحواشا للخيل والجمال ، وميدانا ، وللأمير بكتمر الساقي مثله ، فأقام كريم الدين بنفسه في هذا العمل ، ولم يدع أحدا من جميع الصناع المحتاج إليهم يعمل في القاهرة عملا ، فكان فيها نحو الألفي رجل ، ومائة زوج بقر ، حتى تمت المواضع في مدّة قريبة ، وركب السلطان إليها وأمر بعمل ميدان لنتاج الخيل ، فعمل ، وما برح الملوك يركبون إلى هذه البركة لرمي الكراكي ، وهم على ذلك إلى هذا الوقت ، وقد خربت المباني التي أنشأها الملك الناصر وأدركنا بهذه البركة مراحا عظيما للأغنام التي يعلفها التركمانيّ حب القطن وغيره من العلف ، فتبلغ الغاية في السمن ، حتى أنه يدخل بها إلى القاهرة محمولة على العجل لعظم جنتها وثقلها وعجزها عن المشي ، وكان يقال كبش بركاويّ نسبة إلى هذه البركة ، وشاهدت مرّة كبشا من كباش هذه البركة ، وزنت شقته اليمنى فبلغت زنتها خمسة وسبعين رطلا سوى الألية ، وبلغني عن كبش أنه وزن ما في بطنه من الشحم خاصة ، فبلغ أربعين رطلا ، وكانت ألايا تلك الكباش تبلغ الغاية في الكبر ، وقد بطل هذا من القاهرة منذ كانت الحوادث بعد سنة ست وثمانمائة ، حتى لا يكاد يعرفه اليوم إلا أفراد من الناس.
وبركة الحجاج اليوم أرباب دركها قوم من العرب يعرفون ببني صبرة ، وقال الشريف محمد بن أسعد الجوانيّ في كتاب الجوهر المكنون في معرفة القبائل والبطون : بنو بطيخ بطن من لخم ، وهم ولد بطيخ بن مغالة بن دعجمان بن عميث بن كليب بن أبي الحارث بن عمرو بن رميمة بن جدس بن أريش بن أراش بن جديلة بن لخم ، وفخذها بنو صبرة بن بطيخ ، ولهم حارة مجاورة للخطمة المعروفة اليوم بكوم دينار السايس ، وصبرة في خندف وفي قيس ونزار ويمن ، فالتي في خندف في بني جعفر الطيار ، بنو صبرة بن جعفر بن داود بن محمد بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فخذ ، والتي في قيس ، بنو صبرة بن بكر بن أشجع بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان فخذ ، وأما التي في نزار ففي شيبان ، بنو صبرة بن عوف بن محكم بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار فخذ ، وما التي في يمن ففي لخم وجذام ، فأما التي في لخم : فبنو صبرة بن بطيخ بن مغالة بن دعجان بن عميث بن كليب بن أبي الحارث بن عمرو بن رميمة بن جدس بن أريش بن أراش بن جديلة بن لخم ، وأما التي في جذام فبنو صبرة بن نصيرة بن عطفان بن سعد بن إياس بن حرام بن جذام ، وإليه يرجع الصبريون ، وهم بالشام والله تعالى أعلم.
بركة قرموط : هذه البركة فيما بين اللوق والمقس ، كانت من جملة بستان ابن ثعلب ، فلما حفر الملك الناصر محمد بن قلاون الخليج الناصري من موردة البلاط ، رمى ما خرج من الطين في هذه البركة ، وبنى الناس الدور على الخليج ، فصارت البركة من ورائها ،