الزبيب ، وأنشأ بها منظرة لجلوس الخليفة يوم تقدمة الأسطول ورميه ، فأقرّ إنشاء الحربيات والشلنديات بصناعة الجزيرة ، وكان لهذه الصناعة دهليز ماد بمساطب مفروشة بالحصر العبدانية بسطا وتازيرا ، وفيها محل ديوان الجهاد ، وكان يعرف في الدولة الفاطمية أن لا يدخل من باب هذه الصناعة أحد راكبا إلّا الخليفة والوزير إذا ركبا في يوم فتح الخليج عند وفاء النيل ، فإن الخليفة كان يدخل من بابها ويشقّها راكبا والوزير معه حتى يركب النيل إلى المقياس ، كما قد ذكر في موضعه من ذا الكتاب ، ولم تزل هذه الصناعة عامرة إلى ما قبل سنة سبعمائة ، ثم صارت بستانا عرف ببستان ابن كيسان ، ثم عرف في زمننا ببستان الطواشيّ ، وكان فيما بين هذه الصناعة والروضة بحر ، ثم تربى جرف عرف موضعه بالجرف ، وأنشئ هناك بستان عرف ببستان الجرف ، وصار في جملة أوقاف خانقاه المواصلة ، وقيل لهذا الجرف بين الزقاقين ، وكان فيه عدّة دور وحمّام وطواحين وغير ذلك ، ثم خرّب من بعد سنة ست وثمانمائة ، وخرب بستان الجرف أيضا ، وإلى اليوم بستان الطواشي فيه بقية ، وهو على يسرة من يريد مصر من طريق المراغة ، وبظاهره حوض ماء ترده الدواب ، ومن وراء البستان كيمان فيها كنيسة للنصارى. قال ابن المتوّج : وكان مكان بستان ابن كيسان صناعة العمارة ، وأدركت فيه بابها ، وبستان الجرف المقابل لبستان ابن كيسان كان مكانه بحر النيل ، وإن الجرف تربى به.
ذكر الميادين
ميدان ابن طولون : كان قد بناه وتأنق فيه تأنقا زائدا ، وعمل فيه المناخ وبركة الزئبق والقبة الذهبية ، وقد ذكر خبر هذا الميدان عند ذكر القطائع من هذا الكتاب.
ميدان الإخشيد : هذا الميدان أنشأه الأمير أبو بكر محمد بن طفج الإخشيد أمير مصر ، بجوار بستانه الذي يعرف اليوم في القاهرة بالكافوريّ ، ويشبه أن يكون موضع هذا الميدان اليوم حيث المكان المعروف بالبندقانيين وحامة الوزيرية ، وما جاور ذلك. وكان لهذا البستان بابان من حديد قلعهما القائد جوهر عند ما قدم القرمطيّ إلى مصر يريد أخذها ، وجعلهما على باب الخندق الذي حفره بظاهر القاهرة قريبا من مدينة عين شمس ، وذلك في سنة ستين وثلاثمائة وكان هذا الميدان من أعظم أماكن مصر ، وكانت فيه الخيول السلطانية في الدولة الإخشيدية.
ميدان القصر : هذا الميدان موضعه الآن في القاهرة ، يعرف بالخرنشف ، عمل عند بناء القاهرة بجوار البستان الكافوريّ ، ولم يزل ميدانا للخلفاء الفاطميين ، يدخل إليه من باب التبانين الذي موضعه الآن يعرف بقبو الخرنشف ، فلما زالت الدولة الفاطمية تعطل وبقي إلى أن بنى به الغز اصطبلات بالخرنشف ، ثم حكر وبني فيه ، فصار من أخطاط القاهرة.
ميدان قراقوش : هذا الميدان خارج باب الفتوح.