ميدان الملك العزيز : هذا الميدان كان بجوار خليج الدكر ، وكان موضعه بستانا. قال القاضي الفاضل في متجددات ثالث عشري شهر رمضان ، سنة أربع وتسعين وخمسمائة : خرج أمر الملك العزيز عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، بقطع النخل المثمر المستغل تحت اللؤلؤة بالبستان المعروف بالبغدادية ، وهذا البستان كان من بساتين القاهرة الموصوفة ، وكان منظره من المناظر المستحسنة ، وكان له مستغل ، وكان قد عنى الأوّلون به لمجاورته اللؤلؤة ، وأطلال جميع مناظرها عليه ، وجعل هذا البستان ميدانا وحرث أرضه وقطع ما فيه من الأصول. انتهى.
ثم حكر الناس أرض هذا البستان وبنوا عليها ، وهو الآن داثر فيه كيمان وأتربة انتهى.
الميدان الصالحيّ : هذا الميدان كان بأراضي اللوق من برّ الخليج الغربيّ ، وموضعه الآن من جامع المطباخ بباب اللوق إلى قنطرة قدادار التي على الخليج الناصريّ ، ومن جملته الطريق المملوكة الآن من باب اللوق إلى القنطرة المذكورة ، وكان أوّلا بستانا يعرف ببستان الشريف ابن ثعلب ، فاشتراه السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب ، بثلاثة آلاف دينار مصرية ، من الأمير حصن الدين ثعلب بن الأمير فخر الدين إسماعيل بن ثعلب الجعفريّ ، في شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، وجعله ميدانا وأنشأ فيه مناظر جليلة تشرف على النيل الأعظم ، وصار يركب إليه ويلعب فيه بالكرة ، وكان عمل هذا الميدان سببا لبناء القنطرة التي يقال لها اليوم قنطرة الخرق على الخليج الكبير لجوازه عليها ، وكان قبل بنائها موضعها موردة سقائي القاهرة ، وما برح هذا الميدان تلعب فيه الملوك بالكرة من بعد الملك الصالح إلى أن انحسر ماء النيل من تجاهه ، وبعد عنه ، فأنشأ الملك الظاهر ميدانا على النيل.
وفي سلطنة الملك المعز عز الدين أيبك التركمانيّ الصالحيّ النجميّ ، قال له منجمه أنّ امرأة تكون سببا في قتله ، فأمر أن تخرب الدور والحوانيت التي من قلعة الجبل بالتبانة إلى باب زويلة ، وإلى باب الخرق وإلى باب اللوق إلى الميدان الصالحيّ ، وأمر أن لا يترك باب مفتوح بالأماكن التي يمرّ عليها يوم ركوبه إلى الميدان ، ولا تفتح أيضا طاقة ، وما زال باب هذا الميدان باقيا وعليه طوارق مدهونة إلى ما بعد سنة أربعين وسبعمائة ، فأدخله صلاح الدين بن المغربيّ في قيسارية الغزل التي أنشأ هناك ، ولأجل هذا الباب قيل لذلك الخط باب اللوق ، ولما خرب هذا الميدان حكر وبني موضعه ما هنالك من المساكن ، ومن جملته حكر مرادي ، وهو على يمنة من سلك من جامع الطباخ إلى قنطرة قدادار ، وهو في أوقاف خانقاه قوصون وجامع قوصون بالقرافة ، وهذا الحكر اليوم قد صار كيمانا بعد كثرة العمارة به.