إلى هذا الميدان للعب الأكرة يفرّق حوائص ذهب على الأمراء المقدّمين ، وركوبه إلى هذا الميدان دائما يوم السبت في قوّة الحرّ بعد وفاء النيل مدّة شهرين من السنة ، فيفرّق في كلّ ميدان على اثنين بالنوبة ، فمنهم من تجيء نوبته بعد ثلاث سنين أو أربع سنين ، وكان من مصطلح الملوك أن تكون تفرقة السلطان الخيول على الأمراء في وقتين ، أحدهما عند ما يخرج إلى مرابط خيله في الربيع عند اكتمال تربيعها ، وفي هذا الوقت يعطي أمراء المئين الخيول مسرجة ملجمة بكنابيش مذهبة ، ويعطي أمراء الطبلخانات خيلا عريا. والوقت الثاني يعطي الجميع خيولا مسرجة ملجمة بلا كنابيش ، بفضة خفيفة ، وليس لأمراء العشروات خظ في ذلك إلّا ما يتفقدهم به على سبيل الأنعام ، ولخاصكية السلطان المقرّبين من أمراء المئين وأمراء الطبلخانات زيادة كثيرة من ذلك ، بحيث يصل إلى بعضهم المائة فرس في السنة.
وكان من شعار السلطان أن يركب إلى اليميدان وفي عنق الفرس رقبة حرير أطلس أصفر بزرگش ذهب ، فتستر من تحت أذني الفرس إلى حيث السرج ، ويكون قدّامه اثنان من الأوشاقية راكبين على حصانين اشهبين برقبتين نظير ما هو راكب به ، كأنهما معدّان لأن يركبهما ، وعلى الأوشاقيين المذكورين قبا آن اصفران من حرير بطراز مزركش بالذهب ، وعلى رأسهما قبعان مزركشان ، وغاشية السرج محمولة أمام السلطان ، وهي أديم مزركش مذهب يحملها بعض الركابدارية قدّامة وهو ماش في وسط الموكب ، ويكون قدّامة فارس يشبب بشبابة لا يقصد بنغمها إلا طراب ، بل ما يقرع بالمهابة سامعة ، ومن خلف السلطان الجنائب ، وعلى رأسه العصائب السلطانية ، وهي صفر مطرزة بذهب بألقابه واسمه ، وهذا لا يختص بالركوب إلى الميدان ، بل يعمل هذا الشعار أيضا إذا ركب يوم العيد أو دخل إلى القاهرة أو إلى مدينة من مدن الشام ، ويزداد هذا الشعار في يوم العيدين ودخول المدينة برفع المظلة على رأسه ، ويقال لها الحبر ، وهو أطلس أصفر مزركش من أعلاه قبة وطائر من فضة مذهبة ، يحملها يومئذ بعض أمراء المئين الأكابر ، وهو راكب فرسه إلى جانب السلطان ، ويكون أرباب الوظائف والسلاحدارية كلهم خلف السلطان ، ويكون حوله وأمامه الطبردارية ، وهم طائفة من الاكراد ذوي الإقطاعات والأمرة ، ويكونون مشاة وبأيديهم الأطباء المشهورة.
ذكر قلعة الجبل
قال ابن سيده في كتاب المحكم : القلعة بتحريك القاف واللام والعين وفتحها ، الحصن الممتنع في جبل ، وجمعها قلاع وقلع ، وأقلعوا بهذه البلاد بنوها فجعلوها كالقلعة. وقيل : القلعة بسكون اللام ، حصن مشرف ، وجمعه قلوع ، وهذه القلعة على قطعة من الجبل وهي تتصل بجبل المقطم ، وتشرف على القاهرة ومصر والنيل والقرافة ، فتصير