وعند ما سكنت الدهماء حقد الحافظ لابن قرفة وقتله بخزانة البنود ، وأنعم بجميع ما كان له على أبي منصور اليهودي ، وجعله رئيس الأطباء ، فهذا ما كان من خبر يأنس وكيفيّة موته وخبر حسن والخبر عن قتله.
حارة المنتجبية : قال ابن عبد الظاهر : بلغني أنّ رجلا كان يتحجّب لشمس الدين قاضي زادة كان يقول : إنّ هذه الخطّة (١) منسوبة لجدّة منتجب الدولة.
الحارة المنصورية : هذه الحارة كانت كبيرة متسعة جدا فيها عدّة مساكن السودان ، فلمّا كانت واقعتهم في ذي القعدة سنة أربع وستّين وخمسمائة كما تقدّم في ذكر حارة بهاء الدين ، أمر صلاح الدين يوسف بن أيّوب بتخريب المنصورة هذه ، وتعفية أثرها ، فخرّبها خطلبا بن موسى الملقّب صارم الدين ، وعملها بستانا. وكان للسودان بديار مصر شوكة وقوّة ، فتبعهم صلاح الدين ببلاد الصعيد حتّى أفناهم بعد أن كان لهم بديار مصر في كلّ قرية ومحلّة وضيعة مكان مفرد لا يدخله وال ولا غيره احتراما لهم. وقد كانوا يزيدون على خمسين ألفا ، وإذا ثاروا على وزير قتلوه ، وكان الضرر بهم عظيما لامتداد أيديهم إلى أموال الناس وأهاليهم ، فلمّا كثر بغيهم وزاد تعدّيهم أهلكهم الله بذنوبهم ، وفي واقعة السودان وتخريب المنصورة وقتل مؤتمن الخلافة الذي تقدّم ذكره يقول العماد (٢) الأصفهاني الكاتب يخاطب بهاء الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيّوب :
بالملك الناصر استنارت |
|
في عصرنا أوجه الفضائل |
يوسف مصر الذي إليه |
|
تشدّ آمالنا الرواحل |
رأيك في الدهر عن رزايا |
|
جلى مهماته الجلائل |
أجريت نيلين في ثراها |
|
نيل نجيع ونيل نائل |
كم كرم من نداك جار |
|
وكم دم من عداك سائل |
وكم معاد بلا معاد |
|
ومستطيل بغير طائل |
وحاسد كاسد المساعي |
|
وسائد نافق الوسائل |
أقررت عين الإسلام حتّى |
|
لم يبق فيها قذى لباطل |
وكيف يزهى بملك مصر |
|
من يستقلّ ذنبا لنائل |
وما نفيت السودان حتّى |
|
حكمت البيض في المقاتل |
صيّرت رحب الفضا مضيقا |
|
عليهم كفّة لجائل |
__________________
(١) الخطة : الحارة ، الحيّ من المدينة ..
(٢) في شذرات الذهب ٤ / ٣٣٢ : وهو الوزير العلّامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني .. ولد سنة ٥١٩ ه تسلم ديوان الإنشاء في دمشق ، صنف عدة تصنيفات أدبية ومنها خريدة القصر. توفي سنة ٥٩٧ ه.