أسد بن عبد العزى بن قصيّ. وهذه أقوال الفقهاء لهم ممن أراد الحظوة لديهم لما صار الملك إليهم.
وإنما هم قبيل من قبائل العجم ، وهم قبائل عديدة : كورانية بنو كوران وهذبانية وبشتوية وشاصنجانية وسرنجية وبزولية ومهرانية وزردارية وكيكانية وجاك وكرودنيلية وروادية ودسنية وهكارية وحميدية ووركجية ومروانية وجلانية وسنيكية وجوني. وتزعم المروانية أنها من بني مروان بن الحكم ، ويزعم بعض الهكارية أنها من ولد عتبة بن أبي سفيان بن حرب.
وأوّل من ملك مصر من الأكراد الأيوبية.
السلطان الملك الناصر صلاح الدين : أبو المظفر يوسف بن نجم الدين أبي الشكر أيوب بن شادي بن مروان الكرديّ ، من قبيل الروادية ، أحد بطون الهذبانية. نشأ أبوه أيوب وعمه أسد الدين شير كوه ببلد دوين من أرض أذربيجان من جهة أرّان وبلاد الكرج ، ودخلا بغداد وخدما مجاهد الدين بهروز ، شحنة (١) بغداد ، فبعث أيوب إلى قلعة تكريت وأقامه بها مستحفظا لها ، ومعه أخوه شير كوه وهو أصغر منه سنا ، فخدم أيوب الشهيد زنكي لما انهزم ، فشكر له خدمته ، واتفق بعد ذلك أنّ شير كوه قتل (٢) رجلا بتكريت فطرد هو وأخوه أيوب من قلعتها ، فمضيا إلى زنكي بالموصل فآواهما وأقطعهما إقطاعا عنده ، ثم رتب أيوب بقلعة بعلبك مستحفظا ، ثم أنعم عليه بإمرة ، واتصل شير كوه بنور الدين محمود بن زنكي في أيام أبيه وخدمه ، فلما ملك حلب بعد أبيه كان لنجم الدين أيوب عمل كثير في أخذ دمشق لنور الدين ، فتمكنا في دولته ، حتى بعث شير كوه مع الوزير شاور بن مجير السعديّ إلى مصر ، فسار صلاح الدين في خدمته من جملة أجناده ، وكان من أمر شير كوه ما كان حتى مات.
فأقيم بعده في وزارة العاضد ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب في يوم الثلاثاء خامس عشري جمادى الآخرة ، سنة أربع وستين وخمسمائة ، ولقبه بالملك الناصر ، وأنزله بدار الوزارة من القاهرة ، فاستمال قلوب الناس وأقبل على الجدّ وترك اللهو وتعاضد هو والقاضي الفاضل عبد الرحيم بن عليّ البيسانيّ رحمهالله على إزالة الدولة الفاطمية ، وولى صدر الدين بن درباس قضاء القضاة ، وعزل قضاة الشيعة ، وبنى بمدينة مصر مدرسة للفقهاء المالكية ، ومدرسة للفقهاء الشافعية ، وقبض على أمراء الدولة وأقام أصحابه عوضهم ، وأبطل المكوس بأسرها من أرض مصر ، ولم يزل يدأب في إزالة الدولة حتى تم له ذلك ،
__________________
(١) شحنة بغداد : أي رئيس الشرطة أو محافظ المدينة أو الأمير المشرف عليها. النجوم الزاهرة ج ٦ ص ٣.
(٢) في النجوم الزاهرة ج ٦ ص ٤ : وسببه أن نجم الدين كان يرمي بالنشاب فوقعت نشابه في مملوك بهروز فقتلته من غير قصد ، فاستحى نجم الدين من بهروز فخرج هو وأخوه إلى الموصل. وقيل غير ذلك.