والتجأ إلى القاهرة وطلب الصلح ، فعوّضه العادل صرخد ودخل إلى القاهرة في يوم السبت ثامن عشره ، وأقام بأتابكية المنصور ثم خلعه في يوم الجمعة حادي عشر شوّال ، وكانت سلطنته سنة وثمانية أشهر وعشرين يوما ، واستبدّ بالسلطنة بعده عمّ أبيه.
السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر محمد بن أيوب (١) : فخطب له بديار مصر وبلاد الشام وحرّان والرها وميافارقين ، وأخرج المنصور وإخوته من القاهرة إلى الرها ، واستناب ابنه الملك الكامل محمدا عنه ، وعهد إليه بعده بالسلطنة ، وحلف له الأمراء ، فسكن قلعة الجبل واستمرّ أبوه في دار الوزارة ، وفي أيامه توقفت زيادة النيل ولم يبلغ سوى ثلاثة عشر ذراعا تنقص ثلاثة أصابع ، وشرقت أراضي مصر إلّا الأقل ، وغلت او سعار وتعذر وجود الأقوات حتى أكلت الجيف ، وحتى أكل الناس بعضهم بعضا ، وتبع ذلك فناء كبير وامتدّ ذلك ثلاث سنين ، فبلغت عدّة من كفنه العادل وحده من الأموات في مدّة يسيرة نحو مائتي ألف وعشرين ألف إنسان ، فكان بلاء شنيعا ، وعقب ذلك تحرّك الفرنج على بلاد المسلمين في سنة تسع وتسعين ، فكانت معهم عدّة حروب على بلاد الشام آلت إلى أن عقد العادل معهم الهدنة ، فعاودوا الحرب في سنة ستمائة وعزموا على أخذ القدس ، وكثر عيثهم وفسادهم ، وكانت لهم وللمسلمين شؤون آلت إلى نزولهم على مدينة دمياط في رابع ربيع الأوّل سنة خمس عشرة وستمائة ، والعادل يومئذ بالشام ، فخرج الملك الكامل لمحاربتهم ، فمات العادل بمرج الصفر في يوم الخميس سابع جمادى الآخرة منها وحمل إلى دمشق ، فكانت مدّة سلطنته بديار مصر تسع عشرة سنة وشهرا واحدا وتسعة عشر يوما وقام من بعده ابنه.
السلطان الملك الكامل ناصر الدين أبو المعالي محمد (٢) : بعهد أبيه. فأقام في السلطنة عشرين سنة وخمسة وأربعين يوما ومات بدمشق يوم الأربعاء حادي عشري رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة. وأقيم بعده ابنه.
السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر : فاشتغل باللهو عن التدبير ، وخرجت عنه حلب ، واستوحش منه الأمراء لتقريبه الشباب ، وسار أخوه الملك الصالح نجم الدين أيوب من بلاد الشرق إلى دمشق وأخذها في أوّل جمادى الأولى سنة ست وثلاثين ، وجرت له أمور آخرها أنه سار إلى مصر فقبض الأمراء على العادل وخلعوه يوم الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة ، فكانت سلطنته سنتين وثلاثة أشهر وتسعة. وقام بعده بالسلطنة أخوه.
السلطان الملك الصالح نجم الدين أبو الفتوح أيوب (٣) : فاستولى على قلعة الجبل في
__________________
(١) انظر ترجمته في النجوم الزاهرة ج ٦ ص ١٤٤.
(٢) انظر ترجمته في النجوم الزاهرة ج ٦ ص ٢٠٠.
(٣) انظر النجوم الزاهرة ج ٦ ص ٢٨٢.