ثمانين وستمائة ، وهزمهم بعد مقتلة عظيمة وعاد إلى قلعة الجبل ، وتوجه في سنة أربع وثمانين حتى نازل حصن المرقب ثمانية وثلاثين يوما وأخذه عنوة من الفرنج ، وعاد إلى القلعة ، ثم بعث العسكر فغزا بلاد النوبة في سنة سبع وثمانين وعاد بغنائم كثيرة ، ثم سار في سنة ثمان وثمانين لغزو الفرنج بطرابلس ، فنازلها أربعة وثلاثين يوما حتى فتحها عنوة في رابع ربيع الآخر وهدمها جميعها ، وأنشأ قريبا منها مدينة طرابلس الموجودة الآن ، وعاد إلى قلعة الجبل وبعث لغزو النوبة ثانيا عسكرا فقتلوا وأسروا وعادوا ، ثم خرج لغزو الفرنج بعكا ، وهو مريض ، فمات خارج القاهرة ليلة السبت سادس ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة ، فكانت مدّته إحدى عشرة سنة وشهرين وأربعة وعشرين يوما. وقام من بعده ابنه.
السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل : في يوم الأحد سابع ذي القعدة المذكور ، وسار لفتح عكا في ثالث ربيع الأوّل سنة تسعين وستمائة ، ونصب عليها اثنين وتسعين منجنيقا وقاتل من بها من الفرنج أربعة وأربعين يوما حتى فتحها عنوة ، في يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى ، وهدمها كلها بما فيها ، وحرّقها وأخذ صور وحيفا وعتليت وانطرسوس وصيدا ، وهدمها وأجلى الفرنج من الساحل فلم يبق منهم أحد ولله الحمد ، وتوجه إلى دمشق وعاد إلى مصر فدخل قلعة الجبل يوم الاثنين تاسع شعبان ، ثم خرج في ثامن ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وستمائة بعد ما نادى بالنفير للجهاد ، فدخل دمشق وعرض العساكر ومضى منها فمرّ على حلب ونازل قلعة الروم ، ونصب عليها عشرين منجنيقا حتى فتحها بعد ثلاثة وثلاثين يوما عنوة ، وقتل من بها من النصارى الأرمن وسبى نساءهم وأولادهم ، وسماها قلعة المسلمين ، فعرفت بذلك ، وعاد إلى مصر فدخل قلعة الجبل في يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة ، وسار في رابع المحرّم سنة اثنتين وتسعين حتى بلغ مدينة قوص من صعيد مصر ، ونادى فيها بالتجهز لغزو اليمن ، وعاد ثم سار مخفا على الهجن في البريّة إلى الكرك ، ومضى إلى دمشق فقدمها في تاسع جمادى الآخرة ، وقصد غزو بهنسا وأخذها من الأرمن ، فقدموا إليه وسلموها من تلقاء أنفسهم وسلموا أيضا مرعش وتل حمدون ، ومضى من دمشق في ثاني رجب ، وعبر من حمص إلى سلمية (١) وهجم على الأمير مهنا بن عيسى وقبضه وإخوته وحملهم في الحديد إلى قلعة الجبل ، وعاد إلى دمشق ثم رجع إلى مصر فقدم قلعة الجبل في ثامن عشري رجب ، ثم توجه للصيد فبلغ الطرّانة ، وانفرد في نفر يسير ليصطاد ، فاقتحم عليه الأمير بيدار في عدّة معه وقتلوه في يوم السبت ثاني عشر المحرّم سنة ثلاث وتسعين وستمائة ، فكانت مدّته ثلاث سنين وشهرين وأربعة أيام ، ثم حمل ودفن بمدرسة الأشرفية (٢) وأقيم من بعده أخوه.
__________________
(١) سلمية : بليدة في ناحية البرّية من أعمال حماه بينهما مسيرة يومين.
(٢) أظنها المدرسة الشريفية. انظر المدارس من هذا الكتاب.