البستان من داخل القاهرة ، وعرف ببستان كافور ، وقيل له في الدولة الفاطمية البستان الكافوري ، ثم اختط مساكن بعد ذلك.
قال ابن زولاق في كتاب سيرة الإخشيد : ولست خلون من شوّال سنة ثلاثين وثلثمائة ، سار الإخشيد إلى الشام في عساكره ، واستخلف أخاه أبا المظفر بن طفج. قال : وكان يكره سفك الدماء ، ولقد شرع في الخروج إلى الشام في آخر سفراته ، وسار العسكر ، وكان نازلا في بستانه في موضع القاهرة اليوم ، فركب للمسير ، فساعة خرج من باب البستان اعترضه شيخ يعرف بمسعود الصابوني ، يتظلّم إليه ، فنظر له ، فتطير به وقال : خذوه ابطحوه ، فبطح وضرب خمس عشرة مقرعة وهو ساكت. فقال الإخشيد : هو ذا يتشاطر. فقال له كافور : قد مات. فانزعج واستقال سفرته وعاد لبستانه ، وأحضر أهل الرجل واستحلهم وأطلق لهم ثلاثمائة دينار ، وحمل الرجل إلى منزله ميتا ، وكانت جنازته عظيمة ، وسافر الإخشيد فلم يرجع إلى مصر ، ومات بدمشق. وقال في كتاب تتمة كتاب أمراء مصر للكندي : وكان كافور الإخشيدي أمير مصر يواصل الركوب إلى الميدان وإلى بستانه في يوم الجمعة ويوم الأحد ويوم الثلاثاء ، قال : وفي غد هذا اليوم ، يعني يوم الثلاثاء ، مات الأستاذ كافور الإخشيدي ، لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلثمائة ، ويوم مات الأستاذ كافور الإخشيدي ، خرج الغلمان والجند إلى المنظرة وخرّبوا بستان كافور ، ونهبوا دوابه وطلبوا مال البيعة.
وقال ابن عبد الظاهر : البستان الكافوري هو الذي كان بستانا لكافور الإخشيدي ، وكان كثيرا ما يتنزه به ، وبنيت القاهرة عنده ، ولم يزل إلى سنة إحدى وخمسين وستمائة ، فاختطت البحرية والعزيزية به اصطبلات ، وأزيلت أشجاره. قال : ولعمري إنّ خرابه كان بحق ، فإنه كان عرف بالحشيشة التي يتناولها الفقراء ، والتي تطلع به يضرب بها المثل في الحسن. قال شاعرهم نور الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن علي الينبعي لنفسه :
ربّ ليل قطعته ونديمي |
|
شاهدي هو مسمعي وسميري |
مجلسي مسجد وشربي من خض |
|
راء تزهو بحسن لون نضير |
قال لي صاحبي وقد فاح منها |
|
نشرها مزريا بنشر العبير |
أمن المسك؟ قلت ليست من المس |
|
ك ولكنّها من الكافوري |
وقال الحافظ جمال الدين يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد بن محمد الأسديّ الدمشقيّ ، المعروف باليغموري : أنشدني الإمام العالم المعروف بجموع الفضائل ، زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي لنفسه ، وهو أوّل من عمل فيها :
وخضراء كافورية بات فعلها |
|
بألبابنا فعل الرحيق المعتّق |
إذ نفحتنا من شذاها بنفحة |
|
تدبّ لنا في كل عضو ومنطق |