منها طعام والشراب كلاهما |
|
والبقل والريحان وقت حضور |
هي روضة إن شئتها ورياضة |
|
يغنى بها عن روضة وخمور |
ما في المدامة كلّها منها سوى |
|
إثم المدام وصحبة المخمور |
كلا ونكهة خمرة هي شاهد |
|
عدل على حدّ وجلد ظهور |
أسفا لدهر غالها ولربما |
|
ظلّ الكريم بذلة الماسور |
جمعت له الأشهاد كرما أخضرا |
|
كعروسة تجلى بخضر حرير |
زفوا لها نارا فخلنا جنة |
|
برزت لنا قد زوّجت بالنور |
ثم اكتست منها غلالة صفرة |
|
في خضرة مقرونة بزفير |
فكأنها لهب اللظى في خضرة |
|
منها وطرف رمادها المنثور |
جارى النضار على مذاب زمرّد |
|
تركا فتيت المسك في الكافوري |
لله درك حية أو ميتة |
|
من منظر بهج بغير نظير |
أوذيت غير ذميمة فسقى الحيا |
|
تربا تضمّن منك ذوب عبير |
عندي لذكرك ما بقيت مخلدا |
|
سح الدموع ونفثة المصدور |
ذكر كافور الإخشيدي (١)
كان عبدا أسود خصيا ، مثقوب الشفة السفلى ، بطينا قبيح القدمين ، ثقيل البدن ، جلب إلى مصر وعمره عشر سنين فما فوقها ، في سنة عشر وثلثمائة ، فلما دخل إلى مصر تمنى أن يكون أميرها ، فباعه الذي جلبه لمحمد بن هاشم ، أحد المتقبلين للضياع ، فباعه لابن عباس الكاتب ، فمرّ يوما بمصر على منجّم فنظر له في نجومه وقال له : أنت تصير إلى رجل جليل القدر ، وتبلغ معه مبلغا عظيما ، فدفع إليه درهمين لم يكن معه سواهما ، فرمى بهما إليه وقال : أبشّرك بهذه البشارة وتعطيني درهمين؟ ثم قال له : وأزيدك ، أنت تملك هذه البلد وأكثر منه ، فاذكرني.
واتفق أنّ ابن عباس الكاتب أرسله بهدية يوما إلى الأمير أبي بكر محمد بن طفج الإخشيد ، وهو يومئذ أحد قوّاد تكين أمير مصر ، فأخذ كافورا وردّ الهدية ، فترقّى عنده في الخدم حتى صار من أخص خدمه.
ولما مات الإخشيد بدمشق ، ضبط كافور الأمور ودارى الناس ووعدهم إلى أن سكنت الدهماء ، بعد أن اضطرب الناس ، وجهز أستاذه وحمله إلى بيت المقدس ، وسار إلى مصر
__________________
(١) في النجوم الزاهرة ج ٤ / ٣ : الأستاذ : (لقب يطلب على الخصيان) أبو المسك كافور بن عبد الله الإخشيذي الخادم الأسود الخصي صاحب مصر والشام والثغور.