خط الملحيين ، عرف بطائفة من طوائف العسكر في أيام الخليفة المستنصر بالله يقال لها الملحية ، وهم الذي قاموا بالفتنة في أيام المستنصر إلى أن كان من الغلاء ما أوجب خراب البلاد ونهب خزائن الخليفة المستنصر ، فلما قدم أمير الجيوش بدر الجمالي إلى القاهرة وتقلد وزارة المستنصر ، وتجرد لإصلاح إقليم مصر ، وتتبع المفسدين وقتلهم وسار في سنة سبع وستين وأربعمائة إلى الوجه البحريّ وقتل لواته ، وقتل مقدّمهم سليمان اللواتي وولده ، واستصفى أموالهم ثم توجه إلى دمياط وقتل فيها عدّة من المفسدين ، فلما أصلح جميع البرج الشرقيّ عدّى إلى البرّ الغربيّ ، وقتل جماعة من الملحية وأتباعهم بثغر الإسكندرية بعد ما أقام أياما محاصر البلد وهم يمتنعون عليه ويقاتلونه إلى أن أخذها عنوة ، فقتل منهم عدّة كثيرة ، وكان بهذا الخط عدّة من الطواحين ، فسمي بخط طواحين الملحيين ، وبه إلى الآن يسير من الطواحين.
خط المسطاح : هذا الخط فيما بين خط الملحيين وخط سويقة الصاحب ، وفيه اليوم سوق الرقيق الذي يعرف بسوق الحوار والمدرسة الحسامية وما دار به ، ويعرف بالمسطاح ، وبخارج باب القنطرة قريب من باب الشعرية أيضا خط يعرف بالمسطاح.
خط قصر أمير سلاح : هذا الخط تجاه حمام البيسري بين القصرين ، يسلك فيه إلى مدرسة الطواشي سابق الدين ، المعروفة بالسابقية ، وكان يخرج منه إلى رحبة باب العيد (١) من باب القصر ، إلى أن هدمه الأمير جمال الدين يوسف الاستادار ، وبنى في مكانه القيسارية المستجدّة بجوار مدرسته من رحبة باب العيد ، فصار هذا الخط غير نافذ ، وكان شارعا مسلوكا يمرّ فيه الناس والدواب بالأحمال ، فركب عليه جمال الدين المذكور دروبا لحفظ أمواله ، وكان هذا الخط من أخص أماكن القصر الكبير الشرقي ، فلما زالت الدولة الفاطمية وتفرّق أمراء صلاح الدين يوسف القصر ، عرف هذا المكان بقصر شيخ الشيوخ بن حمويه الوزير لسكنه فيه ، ثم عرف بعد ذلك بقصر أمير سلاح ، وبقصر سابق الدين ، وهو إلى الآن يعرف بذلك ، وسبب شهرته بأمير سلاح أنه اتخذ به عمائر جليلة هي بيد ورثته إلى الآن ، وأمير سلاح هذا هو بكتاش الفخريّ الأمير بدر الدين أمير سلاح الصالحي النجمي ، كان أوّلا مملوكا لفخر الدين ابن الشيخ ، فصار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب ، وتقدّم عنده من جملة من قدّمه من المماليك البحرية الذين ملكوا الديار المصرية من بعد انقضاء الدولة الأيوبية ، وتأمّر في أيام الملك الصالح ، وتقدّم في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ ، واستمر أميرا ما ينيف على الستين سنة ، لم ينكب فيها قط ، وعظم في أيام الملك المنصور قلاون الألفيّ ، بحيث أنّ الأمير حسام الدين طرنطاي نائب السلطنة
__________________
(١) في النجوم الزاهرة ٤ / ٥٣ : كان الخليفة لا يركب يوم العيد إلّا من باب القصر الذي من هذه الناحية خاصة.