درب النميريّ : عرف بالأمير سيف المجاهدين محمد بن النميريّ أحد أمراء الخليفة الحافظ لدين الله ، ووليّ عسقلان في سنة ست وثلاثين وخمسمائة ، وكانت ولايتها أكبر من ولاية دمشق ، وهذا الدرب كان ينفذ إلى درب راشد وهو الآن غير نافذ ، وفي داخله درب يعرف بأولاد الداية طاهر وقاسم الأفضلين أحد أتباع الأفضل بن أمير الجيوش ، وعرف الآن بدرب الطفل ، وهو من جملة خطة قصر الشوك ، فإنه قبالة باب قصر الشوك وبينهما سوقة رحبة الأيدمري.
درب قراصيا : هذا الدرب من جملة الدروب القديمة ، وكان تجاه باب قصر الزمرّد الذي في مكانه اليوم المدرسة الحجازية ، وهذا الدرب اليوم من جملة خطة رحبة باب العيد بجوار سجن الرحبة وقد هدمه الأمير جمال الدين يوسف الأستادار ، وهدم كثيرا من دوره وعملها وكالة فمات ولم تكمل ، وهي إلى الآن بغير تكملة ، ثم كمله الملك المؤيد شيخ وجعله وقفا على جامعه وهو إلى الآن خان عامر.
درب السلامي : هذا الدرب من جملة خط رحبة باب العيد وفيه إلى اليوم أحد أبواب القصر المسمى بباب العيد ، والعامّة تسميه القاهرة ، وهذا الدرب يسلك منه إلى خط قصر الشوك وإلى المارستان العتيق الصلاحي وإلى دار الضرب وغير ذلك.
عرف بخواجا مجد الدين السلامي : إسماعيل بن محمد بن ياقوت الخواجا مجد الدين السلامي تاجر الخاص في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وكان يدخل إلى بلاد الططر ويتجر ويعود بالرقيق وغيره ، واجتهد مع جويان إلى أن اتفق الصلح بين الملك الناصر وبين القان أبي سعيد ، فانتظم ذلك بسفارته وحسن سعيه فازدادت وجاهته عند الملكين ، وكان الملك الناصر يسفره ويقرّر معه أمورا فيتوجه ويقضيها على وفق مراده بزيادات ، فأحبه وقرّبه ورتب له الرواتب الوافرة ، في كل يوم من الدراهم واللحم والعليق والسكر والحلواء والكماج والرقاق مما يبلغ في اليوم مائة وخمسين درهما ، عنها يومئذ ثمانية مثاقيل من الذهب ، وأعطاه قرية أراك ببعلبك ، وأعطى مماليكه إقطاعات في الحلقة ، وكان يتوجه إلى الأردن ويقيم فيه الثلاث سنين والأربع والبريد لا ينقطع عنه ، وتجهّز إليه التحف والأقمشة ليفرّقها على من يراه من خواص أبي سعيد وأعيان الأردن ، ثقة بمعرفته ودرايته ، وكان النشو (١) ناظر الخاص لا يفارقه ولا يصبر عنه ، ومن أملاكه ببلاد المشرق السلامية والمأخوذة والمراوزة والمناصف ، ولما مات الملك الناصر قلاوون تغير عليه الأمير قوصون وأخذ منه مبلغا يسيرا ، وكان ذا عقل وافر وفكر مصيب وخبرة بأخلاق الملوك وما يليق بخواطرها ودراسة بما يتحفها به من الرقيق والجواهر ، ونطق سعيد وخلق رضيّ وشكالة
__________________
(١) النشو ناظر : يولّى من السلطان بتوقيع شريف لمعرفة الأسماء المسجلين في الديوان كل عام. صبح الأعشى ج ٣ / ٥٣٠.