مصال الوزير اسمه سليمان ، وينعت بنجم الدين.
ووقعت في هذه الحارة نكتة ، قال القاضي الفاضل في متجدّدات سنة أربع وتسعين وخمسمائة ، والسلطان يومئذ بمصر الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين ، وكان في شعبان قد تتابع أهل مصر والقاهرة في إظهار المنكرات وترك الإنكار لها وإباحة أهل الأمر والنهي فعلها ، وتفاحش الأمر فيها إلى أن غلا سعر العنب لكثرة من يعصره ، وأقيمت طاحون بالمحموديّة لطحن حشيشة للبزر ، وأفردت برسمه ، وحميت بيوت المزر ، وأقيمت عليها الضرائب الثقيلة ؛ فمنها ما انتهى أمره في كلّ يوم إلى ستّة عشر دينارا ، ومنع المزر (١) البيوتي ليتوفر الشراء من مواضع الحمي ، وحملت أواني الخمر على رؤوس الأشهاد وفي الأسواق من غير منكر ، وظهر من عاجل عقوبة الله تعالى وقوف زيادة (٢) النيل عن معتادها وزيادة سعر الغلّة في وقت ميسورها.
حارة الجودرية : هذه الحارة عرفت أيضا بالطائفة الجودرية إحدى طوائف العسكر في أيام الحاكم بأمر الله على ما ذكره المسبّحي ، وقال ابن عبد الظاهر : الجودريّة منسوبة إلى جماعة تعرف بالجودريّة اختطّوها وكانوا أربعمائة ، منهم أبو عليّ منصور الجودريّ الذي كان في أيام العزيز بالله ، وزادت مكانته في الأيام الحاكمية ، فأضيفت إليه مع الأحباس (٣) الحسبة (٤) وسوق الرقيق والسواحل وغير ذلك ، ولها حكاية سمعت جماعة يحكونها ، وهي أنّها كانت سكن اليهود ، والمعروفة بهم ؛ فبلغ الخليفة الحاكم أنّهم يجتمعون بها في أوقات خلواتهم ويغنّون :
وأمّة قد ضلّوا ودينهم معتلّ |
|
قال لهم نبيّهم : نعم الإدام الخلّ |
ويسخرون من هذا القول ويتعرّضون إلى ما لا ينبغي سماعه ، فأتى إلى أبوابها وسدّها عليهم ليلا وأحرقها ، فإلى هذا الوقت لا يبيت بها يهوديّ ولا يسكنها أبدا. وقد كان في الأيام العزيزيّة جودر الصقلبيّ ، أيضا ضرب عنقه ونهب ماله في سنة ستّ وثمانين وثلثمائة.
حارة الوزيرية : هي أيضا تنسب إلى طائفة يقال لها الوزيرية من جملة طوائف العسكر ، وكانت أوّلا تعرف بحارة بستان المصمودي وعرفت أيضا بحارة الأكراد. قال ابن عبد الظاهر : الوزيرية منسوبة إلى الوزير يعقوب (٥) بن يوسف بن كلّس ؛ وقال ابن الصيرفيّ
__________________
(١) المزر البيوتي : نبيذ الشعير أو الحنطة الذي يصنع في البيوت.
(٢) في النجوم الزاهرة ٦ / ١٣٠ : الماء القديم للنيل أربع أذرع وأربع وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعا وإصبعان.
(٣) لعلّه يريد بذلك السجون.
(٤) في صبح الأعشى ٣ / ٤٨٣ : الحسبة : وظيفة المحتسب الأمر والنهي فيما يتّصل بالمعايش والصنائع.
(٥) انظر شذرات الذهب ٣ / ٩٧.