اثنتي عشرة وسبعمائة ، وقطع ثمانمائة من الجند ، ثم قطع في مرّة أخرى ثلاثة وأربعين جنديا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، وقطع ثمانمائة من الجند ، ثم قطع في مرّة أخرى ثلاثة وأربعين جنديا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، ثم قطع خمسة وستين أيضا في رمضان سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، قبل وفاته بشهرين.
وفتح من البلاد جزيرة أرواد في سنة اثنتين وسبعمائة ، وفتح ملطية في سنة خمس عشرة وسبعمائة ، وفتح أناس في ربيع الأوّل سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة وخرّبها ، ثم عمرها الأرمن فأرسل إليها جيشا فأخذها ومعها عدّة بلاد من بلاد الأرم في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ، وأقام بها نائبا من أمراء حلب ، وعمر قلعة جعبر بعد أن دثرت ، وضربت السكة باسمه في شوّال سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، قبل موته تولى ذلك الشيخ حسن بن حسين بحضور الأمير شهاب الدين أحمد قريب السلطان ، وقد توجه من مصر بهذا السبب ، وخطب له أيضا في أرتنا ببلاد الروم ، وضربت السكة باسمه ، وكذلك بلاد ابن قرمان وجبال الأكراد وكثير من بلاد الشرق ، وكان من الذكاء المفرط على جانب عظيم ، يعرف مماليك أبيه ومماليك الأمراء بأسمائهم ووقائعهم ، وله معرفة تامّة بالخيل وقيمها مع الحشمة والسيادة ، لم يعرف عنه قط أنه شتم أحدا من خلق الله ولا سفه عليه ولا كلمه بكلمة سيئة ، وكان يدعو الأمراء أرباب الأشغال بألقابهم ، وكانت همته علية وسياسته جيدة وحرمته عظيمة إلى الغاية ، ومعرفته بمهادنة الملوك لا مرمى وراءها ، يبذل في ذلك من الأموال ما لا يوصف كثرة ، فكان كتّابه ينفذ أمره في سائر أقطار الأرض كلها ، وهو مع ما ذكرنا مؤيد في كلّ أموره مظفر في جميع أحواله مسعود في سائر حركاته ، ما عانده أحد أو أضمر له سوأ إلّا وندم على ذلك أو هلك ، واشتهر في حياته بديار مصر أنه إن وقعت قطرة من دمه على الأرض لا يطلع نيل مصر مدّة سبع سنين ، فمتعه الله من الدنيا بالسعادة العظيمة في المدّة الطويلة مع كثرة الطمأنينة والأمن وسعة الأموال ، واقتنى كلّ حسن ومستحسن من الخيل والغلمان والجواري ، وساعده الوقت في كلّ ما يحب ويختار إلى أن أتاه الموت.
الجامع بالمشهد النفيسيّ
قال ابن المتوّج : هذا الجامع أمر بإنشائه الملك الناصر محمد بن قلاون ، فعمر في شهور سنة أربع عشرة وسبعمائة ، وولى خطابته علاء الدين محمد بن نصر الله بن الجوهريّ شاهد الخزانة السلطانية ، وأوّل خطبته فيه يوم الجمعة ثامن صفر من السنة المذكورة ، وحضر أمير المؤمنين المستكفي بالله أبو الربيع سليمان وولده وابن عمه والأمير كهرداش متولي شدّ العمائر السلطانية ، وعمارة هذا الجامع ورواقاته والفسقية المستجدّة ، وقيل أن جميع المصروف على هذا الجامع من حاصل المشهد النفيسيّ ، وما يدخل إليه من النذور ومن الفتوح.