يجسر غيره على ذلك ، فقويت بهذه الحركان نفسه وصار يقف فوق التمرتاشيّ وهو اغاته فشق ذلك عليه وكتم في نفسه إلى أن ملك الصالح إسماعيل ، فتمكن حينئذ التمرتاشيّ وصار الأمر له ، وعمل على الماردانيّ فلم يشعر بنفسه إلا وقد أخرج على خمسة أرؤس من خيل البريد إلى نيابة حماه في شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعين ، فسار إليها وبقي فيها نحو شهرين إلى أن مات ايدغمش نائب الشام ، ونقل طقزدمر من نيابة حلب إلى نيابة دمشق ، فنقل الماردانيّ من نيابة حماه إلى نيابة حلب ، وسار إليها في أوّل رجب من السنة المذكورة ، وجاء الأمير يلبغا اليحياويّ إلى نيابة حماه ، فأقام الماردانيّ يسيرا في حلب ومرض ومات مستهلّ صفر سنة أربع وأربعين وسبعمائة ، وكان شابا طويلا رقيقا حول الصورة ، لطيفا معشق الخطرة كريما صائب الحدس عاقلا.
جامع أصلم
هذا الجامع داخل الباب المحروق ، أنشأه الأمير بهاء الدين أصلم السلاحدار في سنة ست وأربعين وسبعمائة.
أصلم : أحد مماليك الملك المنصور قلاون الألفيّ ، فلما فرّقت المماليك السلطنية في نيابة كتبغا بعد قتل الملك الأشرف خليل بن قلاون ، وسلطنة الناصر محمد بن قلاون ، كان أصلم من نصيب الأمير سيف الدين أقوش المنصوريّ ، ثم انتقل إلى الأمير سلار ، فلما حضر الملك الناصر محمد من الكرك بعد سلطنة بيبرس الجاشنكير ، خرج إليه أصلم بمنجا الملك وبشره بهروب بيبرس ، فأنعم عليه بإمرة عشرة ، ثم تنقل إلى أن صار أمير مائة مقدّم ألف ، وخرج في التجريدة إلى اليمن ، فلما عاد اعتقله السلطان خمس سنين لكلام نقل عنه ، ثم أخرجه وأعاده إلى منزلته ، ثم جهزه لنيابة صفد ، ومات الناصر وأصلم بصفد ، فخرج الأمير قوصون مع الطنبغا نائب الشام إلى حلب لإمساك طشتمر ، فسار إلى قاري ثم رجع وانضمّ إلى الفخريّ وأقام عنده على خان لاجين ، وتوجه معه صحبة عساكر الشام إلى مصر ، فرسم له الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاون بامرة مائة في مصر على عادته ، وكان أحد المشايخ ، ويجلس رأس الحلقة ، ويجيد رمي النشاب مع سلامة صدر وخير إلى أن مات في يوم السبت عاشر شعبان سنة سبع وأربعين وسبعمائة ، ونشأ بجوار هذا الجامع دارا سنية ، وحوض ماء للسبيل ، وبهذا الجامع درس وله أوقاف ، وهو من أحسن الجوامع.
جامع بشتاك
هذا الجامع خارج القاهرة بخط قبو الكرمانيّ على بركة الفيل ، عمره الأمير بشتاك ، فكمل في شعبان سنة ست وثلاثين وسبعمائة ، وخطب فيه تاج الدين عبد الرحيم بن قاضي القضاة جلال الدين القزوينيّ ، في يوم الجمعة سابع عشرة ، وعمر تجاهه خانقاه على الخليج