وأصحاب الرأي ، فلما أنشأ الأمير الوزير علاء الدين مغلطاي الجماليّ خانقاهه المعروفة بالجمالية قريبا من خزانة البنود بالقاهرة ، كره مجاورة هذه الأماكن لداره وخانقاهه ، فأخذها وهدمها وبنى هذا الجامع في مكانها ، وسماه جامع التوبة ، فعرف بذلك إلى اليوم ، وهو الآن تقام فيه الجمعة ، غير أنه لا يزال طول الأيام مغلق الأبواب لخلوّه من ساكن ، وقد خرب كثير مما يجاوره ، وهناك بقايا من أماكن.
جامع صاروجا
هذا الجامع مطلّ على الخليج الناصريّ بالقرب من بركة الحاجب التي تعرف ببركة الرطلي ، كان خطة تعرف بجامع العرب ، فأنشأ بها هذا الجامع ناصر الدين محمد أخو الأمير صار وجانقيب الجيش ، بعد سنة ثلاثين وسبعمائة ، وكانت تلك الخطة قد عمرت عمارة زائدة ، وأدركت منها بقية جيدة إلى أن دثرت ، فصارت كيمانا ، وتقام الجمعة إلى اليوم في هذا الجامع أيام النيل.
جامع الطباخ
هذا الجامع خارج القاهرة بخط باب اللوق ، بجوار بركة الشقاف ، كان موضعه وموضع بركة الشقاف من جملة الزهريّ ، أنشأه الأمير جمال الدين أقوش ، وجدّده الحاج علي ، الطباخ في المطبخ السلطانيّ أيام الملك الناصر محمد بن قلاون ، ولم يكن له وقف ، فقام بمصالحه من ماله مدّة ، ثم إنه صودر في سنة ست وأربعين وسبعمائة ، فتعطل مدّة نزول الشدّة بالطباخ ، ولم تقم فيه تلك المدّة الصلاة.
عليّ بن الطباخ : نشأ بمصر وخدم الملك الناصر محمد بن قلاون. وهو بمدينة الكرك ، فلما قدم إلى مصر جعله خوان سلار ، وسلمه المطبخ السلطانيّ ، فكثر ماله لطول مدّته. وكثرة تمكنه ، ولم يتفق لأحد من نظرائه ما اتفق له من السعادة الطائلة ، وذلك أن الأفراح وما كان يصنع من المهمات والأعراس ونحوها مما كان يعمل في الدور السلطانية وعند الأمراء والمماليك والحواشي مع كثرة ذلك في طول تلك الأعوام ، كانت كلها إنما يتولى أمرها هو بمفرده ، فما اتفق له في عمل مهم ابن بكتمر الساقي على ابنة الأمير تنكز نائب الشام ، أن السلطان الملك الناصر استدعاه آخر النهار الذي عمل فيه المهم المذكور وقال له : يا حاج عليّ ، اعمل لي الساعة لونا من طعام الفلاحين ، وهو خروج رميس يكون ملهوج ، فولى ووجهه معبس ، فصاح به السلطان ويلك مالك معبس الوجه؟ فقال : كيف ما أعبس وقد حرمتني الساعة عشرين ألف درهم نقرة؟ فقال : كيف حرمتك؟ قال : قد تجمع عندي رؤس غنم وبقر وأكارع وكروش وأعضاد وسقط دجاج وأوز وغير ذلك مما سرقته من المهمّ ، وأريد أقعد وأبيعه ، وقد قلت لي أطبخ وبينما أفرغ من الطبيخ تلف الجميع ، فتبسم السلطان وقال له : رح أطبخ وضمان الذي ذكرت عليّ ، وأمر بإحضار والي القاهرة ومصر ،