ليتوصل منه إلى داخل الجامع عوضا عن الباب المسدود ، فصار هذا الجامع تجاه باب القلعة المعروف بباب السلسلة ، وامتنع صعود المؤذنين إلى المنارتين ، وبقي الأذان على درج هذا الباب ، وكان ابتداء هدم ما ذكر في يوم الأحد ثامن صفر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة ، ثم لما شرع السلطان الملك المؤيد شيخ في عمارة الجامع بجوار باب زويلة اشترى هذا الباب النحاس والتنور النحاس الذي كان معلقا هناك بخمسمائة دينار ، ونقلا في يوم الخميس سابع عشري شوّال سنة تسع عشرة وثمانمائة ، فركب الباب على البوّابة وعلق التنور تجاه المحراب ، فلما كان في يوم الخميس تاسع شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثمانمائة ، أعيد الأذان في المئذنتين كما كان ، وأعيد بناء الدرج والبسطة ، وركب باب بدل الباب الذي أخذه المؤيد ، واستمرّ الأمر على ذلك.
الملك الناصر أبو المعالي الحسن بن محمد بن قلاون : جلس على تخت الملك وعمره ثلاث عشرة سنة في يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بعد أخيه الملك المظفر حاجي ، وأركب من باب الستارة بقلعة الجبل وعليه شعار السلطنة وفي ركابه الأمراء إلى أن نزل بالإيوان السلطانيّ ، ومدبر والدولة يومئذ الأمير يلبغاروس ، والأمير ألجيبغا المظفريّ ، والأمير شيخو ، والأمير طاز ، وأحمد شادّ الشرابخاناه ، وأرغون الإسماعيليّ فخلع على يلبغاروس واستقرّ في نيابة السلطنة بديار مصر ، عوضا عن الحاج أرقطاي ، وقرّر أرقطاي في نيابة السلطنة بحلب ، وخلع على الأمير سيف الدين منجك اليوسفيّ واستقرّ في الوزارة والاستادارية ، وقرر الأمير أرغون شاه في نيابة السلطنة بدمشق.
فلما دخلت سنة تسع وأربعين ، كثر انكشاف الأراضي من ماء النيل بالبرّ الشرقيّ فيما يلي بولاق إلى مصر ، فاهتم الأمراء بسدّ البحر مما يلي الجيزة ، وفوّض ذلك للأمير منجك ، فجمع مالا كثيرا وأنفقه على ذلك ، فلم يفد ، فقبض على منجك في ربيع الأوّل ، وحدث الوباء العظيم في هذه السنة ، وأخرج أحمد شادّ الشرابخاناه لنيابة صفد ، وألجيبغا لنيابة طرابلس ، فاستمرّ أجليبغا بها إلى شهر ربيع الأوّل سنة خمسين ، فركب إلى دمشق وقتل أرغون شاه بغير مرسوم ، فأنكر عليه وأمسك وقتل بدمشق. وفي سنة إحدى وخمسين سار من دمشق عسكر عدّته أربعة آلاف فارس ، ومن حلب ألفا فارس إلى مدينة سنجار ، ومعهم عدّة كثيرة من التركمان ، فحصروها مدّة حتى طلب أهلها الأمان ، ثم عادوا. وترشد السلطان واستبدّ بأمره وقبض على منحك ويلبغاروس ، وقبض بمكة على الملك المجاهد صاحب اليمن ، وقيد وحمل إلى القاهرة ، فأطلق ثم سجن بقلعة الكرك.
فلما كان يوم الأحد سابع عشر جمادى الآخرة ركب الأمراء على السلطان وهم : طاز وإخوته ويبلغا الشمسيّ ، ويبغوا ، ووقفوا تحت القلعة وصعد الأمير طاز وهو لابس إلى القلعة في عدّة وافرة ، وقبض على السلطان وسجنه بالدور ، فكانت مدّة ولايته ثلاث سنين وتسعة أشهر ، وأقيم بدله أخوه الملك الصالح صالح فأقام السلطان حسن مجمعا على الاشتغال