منجك : الأمير سيف الدين اليوسفيّ ، لما امتنع أحمد بن الملك الناصر محمد بن قلاون بالكرك وقام في مملكة مصر بعده أخوه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ، وكان من محاصرته بالكرك ما كان إلى أن أخذ ، فتوجه إليه وقطع رأسه وأحضرها إلى مصر ، وكان حينئذ أحد السلاحدارية ، فأعطى إمرة بديار مصر وتنقل في الدول إلى أن كانت سلطنة الملك المظفر حاجي بن الملك الناصر محمد بن قلاون ، فأخرجه من مصر إلى دمشق وجعله حاجبا بها موضع ابن طغريل ، فلما قتل الملك المظفر وأقيم بعده أخوه الملك الناصر حسن أقيم الأمير سيف الدين يلبغاروس في نيابة السلطنة بديار مصر ، وكان أخا منجك ، فاستدعاه من دمشق وحضر إلى القاهرة في ثامن شوّال سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ، فرسم له بإمرة تقدمة ألف ، وخلع عليه خلع الوزارة فاستقرّ وزيرا وأستادارا ، وخرج في دست الوزارة والأمراء في خدمته من القصر إلى قاعة الصاحب بالقلعة ، فجلس بالشباك ونفذ أمور الدولة ، ثم اجتمع الأمراء وقرأ عليهم أوراقا تتضمن ما على الدولة من المصروف ، ووفر من جامكية المماليك مبلغ ستين ألف درهم في الشهر ، وقطع كثيرا من جوامك الخدم والجواري والبيوتات السلطانية ، ونقص رواتب الدور من زوجات السلطان وجواريه ، وقطع رواتب الأغاني ، وعرض الإسطبل السلطانيّ وقطع منه عدّة أميراخورية وسراخورية وسوّاس وغلمان ، ووفر من راتب الشعير نحو الخمسين إردبا في كل يوم ، وقطع جميع الكلابزية وكانوا خمسين جوقة ، وأبقى منهم جوقتين ، ووفر جماعة من الأسرى والعتالين والمستخدمين في العمائر ، وأبطل العمارة من بيت السلطان ، وكانت الحوائجخاناه تحتاج في كل يوم إلى أحد وعشرين ألف درهم نقرة ، فاقتطع منها مبلغ ثلاثة آلاف درهم ، وبقي مصروفها في اليوم ثمانية عشر ألف درهم نقرة ، فاقتطع منها مبلغ ثلاثة آلاف درهم ، وبقي القاضي موفق الدين ناظر الدولة وعلى القاضي علم الدين بن زنبور ناظر الخواص ، ورسم أن لا يستقرّ في المعاملات سوى شاهد واحد وعامل وشاد بغير معلوم ، وأغلظ على الكتاب والدواوين وهدّدهم وتوعدهم فخافوه ، واجتمع بعضهم ببعض واشتوروا في أمرهم واتفقوا على مال يتوزعونه بينهم على قدر حال كل منهم وحملوه إلى منجك سرّا ، فلم يمض من استقراره في الوزارة شهر حتى صار الكتاب وأرباب الدواوين أحباءه وأخلّاءه ، وتمكنوا منه أعظم ما كانوا قبل وزارته ، وحسنوا له أخذ الأموال ، فطلب ولاة الأقاليم وقبض على أقبغا والي الغربية وألزمه بحمل خمسمائة ألف درهم نقرة ، وولى عوضه الأمير استدمر القلنجيّ ، ثم صرفه وولى بدله قطليجا مملوك بكتمر ، واستقرّ باستدمر القلنجي في ولاية القاهرة ، وأضاف له التحدّث في الجهات ، وولى البحرية لرجل من جهته ، وولى قوص لآخر وأوقع الحوطة على موجود إسماعيل الواقدي متولى قوص ، وأخذ جميع خواصه ، وولي طغاي كشف الوجه القبليّ عوضا عن علاء الدين عليّ بن الكورانيّ ، وولى ابن المزوق قوص وأعمالها ، وولى مجد الدين موسى الهدبانيّ الأشمونين عوضا عن ابن الأزكشيّ ، وتسامعت